الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 329 ] الثاني في الكتاب : إن باعها فولدت لستة أشهر فأكثر وادعى البائع الوطء أو أقر بالوطء أو باعها حاملا ثم ادعى الولد بعد الوضع لحق إن لم يتهم ، ويرد البيع وصارت له أم ولد أو باعها ومعها ولد ثم استلحقه بعد الموت بعد سنين كثيرة لحق إن لم يتهم بانقطاع الولد إليه وهو لا ولد له ، وقال أشهب : إن ولد عنده من أمته ولم يكن له نسب لحق به ويرد الثمن ، وتكون له أم ولد ، وإن كان ورثته كلالة ، وقاله كبار أصحاب مالك ، قال سحنون : هذا أصل قولنا كقول ابن القاسم في المديان : يستحلف ، ولا يلحق الأمة الدين ، وكذلك أمهات الأولاد لا يلحقهن الدين بخلاف المديان يعتق ، وقاله جميع الرواة فهذا كان أولى بالتهمة من المستلحق في المرض لإتلافه أموال الناس ، إلا أن استلحاق النسب يقطع كل تهمة ، قال أشهب : إذا طلق امرأته قبل البناء وادعى حملها جاز ارتجاعها بغير صداق ولا عقد ; لأن الولد قاطع للتهم ، قال ابن يونس : قال محمد : إن كان مليا غير متهم بهوى رد البيع أيضا اتفاقا وتكون أم ولد ، ولا ترد عند ابن القاسم حتى يسلم من هذين وإلا رد إليه الولد خاصة بما ينوبه من الثمن ، وقاله ابن القاسم إلا أن يثبت إقراره بالمسيس قبل البيع فيرد مع ولدها ويتبعه بالثمن ، قال محمد : إن ادعاه المشتري وقد ولد عنده لستة أشهر فهو أحق به من البائع ، وحجة سحنون على ابن القاسم باستلحاق المديان على استلحاق المريض لا يلزم من وجهين : أن المديان استلحق ما في ملكه بخلاف المريض ، وأبقى ذمته لغرمائه بخلاف المريض ، وجوابه : أن المديان يمتنع تبرعه ، والمريض ، يتبرع في الثلث فهو أملك لما في يديه فتهمته أضعف ، وذمة المديان لا أثر لها ولا يرضى بها أحد ، ولو كانت شيئا معتبرا للزم ذلك في عتقه بل [ ص: 330 ] العلة : أن الاستلحاق لا يتهم فيه ; لأن فيه ضياع مالية الأمة والتزام نفقتها ونفقة الولد ، وقطع ميراث رحمه ، ودفعه لأجنبي ولا سيما حالة الموت ، ولذلك لا يتهم المديان في ضياع مال الغرماء ، قال ابن القاسم : إن أحاط الدين به وادعى أن ولد هذه الأمة منه صدق في الأمة وفيه بخلاف المبيعة ، ولو لم يكن لها ولد لم يصدق مع الدين المحيط ، ولا تصدق أنها أسقطت إلا أن تشهد النساب به أو فشا ذلك من قوله قبل دعواه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية