الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                تنبيه : اشترك القذف والحرابة في اشتمالهما على حق الآدمي ، لكن في القذف لمعين ، فيمكن من إسقاطه ، وفي الحرابة لعموم المسلمين ، فيتعذر إسقاطه بعد القدرة ، وغلب قبل القدرة حق الله تعالى مع ملاحظة عظم المفسدة ، فرغب صاحب الشرع في التوبة .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الكتاب : تجوز عليهم شهادة من حاربوه إن كانوا عدولا يتعذر غيرهم ، شهدوا بقتل أو أخذ مال أو غيره ، ولا تقبل شهادة أحد منهم لنفسه ، بل بعضهم لبعض ، قال اللخمي : إن اعترفوا بالحرابة والمال للرفقة انتزع منهم ، ويأخذ كل واحد ما سلمه له أصحابه ، وإن تنازع اثنان ، تحالفا واقتسما ، فإن نكل أحدهما ، أخذه الحالف ، وإن بقي شيء لم يدعه أحد ، انتظر طالبه ، وإن تنازع اثنان أحدهما من الرفقة والآخر من غيرها : يبدأ الذي من الرفقة ويحلف إن أتى الآخر بشيء ، وإن ادعى المحاربون المتاع ، وأقروا بالحرابة ترك لهم إن لم يدعه غيرهم . وتقبل شهادة الرفقة ; لأنه حد لله تعالى ، ولا تقبل شهادة أب لابنه في المال ، وتقبل مع غيره إن قتل ابنه أو أباه ; لأنه حد لا قصاص لا يدخله العفو ، وإن شهد بذلك بعد التوبة ، امتنع ; لأنه حق له يدخله العفو ، وتقبل شهادة الأجنبي ; لأنهم إن قالوا : في قطعنا عليكم فقد تقوى التهمة ، وإن أقروا صدقوهم ، قال [ ص: 137 ] اللخمي : إن صدقوهم في قطع الطريق ، وادعوا بعد ذلك أنهم لم يأخذوه ، منعت الشهادة للعداوة ، وإذا حبس المحارب بشهادة واحد ، وهو مشهور بالفساد ، أخرجه وأشهره ; لينظر إليه المسافرون ، فيشهدوا عليه ، وإن عظمت شهرته حتى يعرف باسمه كذلك . فمن شهد أنه قاطع بالاستفاضة ، وأشهد أخذ المال والقتل وغيره ، قتل بهذه الشهادة ، وهذا أعظم من شاهدين على العيان ، وقال محمد : إذا استفاض ذلك ، أدبه وحبسه ، فإن افترق المأخوذ منهم المتاع ، وأتى من ادعى عينه ، انتظر به قليلا ، فإن لم يطلبه غيره ، حلف ، وأخذه ، ( قاله مالك ) ، ويضمنه إن أتى أحد ، وأثبت بالبينة أنه له ، ضمنه ، وإنما يدفع لمن ادعاه بغير بينة إذا وصفه كما توصف اللقطة ، واختلف هل يلزم كفيلا ؟ وإن ادعاه اثنان ، ونكلا عن الحلف ، لم يأخذه ، بخلاف النكول قبل الافتراق ، ولأن المتاع لا يعدوهما قبل الافتراق ، وإن قال المحارب : المتاع لي وهو كثير لا يملك مثله ، صدق حتى تقوم بينة لغيره . في النكت : إذا دفع له المتاع و ضمنه ، وهلك بأمر من الله تعالى ، لا يضمنه إن أخذه بشاهد ويمين أو بينة ، ثم جاء ما هو أقطع من ذلك ، وفي الجواهر : إذا شهدوا لأنفسهم ، مع الشهادة لغيرهم ، كقولهم : أخذوا مال رفاقنا ومالنا ، ردت الشهادة ، إلا أن يكون يسيرا ، فيجوز لهم ولغيرهم .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الكتاب : إذا قامت بينة على محارب ، فقتله أحد قبل تزكية البينة ، فإن زكيت ، أدبه الإمام ; لأنه إنما جنى على حق الإمامة ، وإلا قتل ; لأن الأصل : عصمة الدم .

                                                                                                                [ ص: 138 ] فرع :

                                                                                                                قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إن ولى اللص مدبرا ، لا يتبع ، ولا يقتل ، إلا إن قتل ، ويقتل الأمير من اللصوص إذا قتل وإن لم يبلغ الإمام ، ومتى قتل واحد منهم قتلوا كلهم ولو كانوا مائة ألف . قال سحنون : يتبع المحارب ويجهز عليه ، وقال ابن القاسم : لا يجهز عليه لاندفاع شره .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في المقدمات : إن ارتد وحارب في ردته فقتل ، وأخذ المال ، قتل ولا يستتاب كما يستتاب المرتد ، ولا ينفذ عفو الأولياء عنه ، لأن الحرابة حقها لعامة المسلمين ، حارب ببلد الإسلام ، أو دار الحرب . فإن أسلم المحارب في ردته بعد أن أخذ وقبل أن يؤخذ ، وحرابته ببلد الحرب ، فهو كالحربي يسلم ، لا يتبع بما صنع في أرض الحرب ، أو في بلد الإسلام ، سقط حكم الحرابة وحده ، ويغرم المال ، ويتبع ، إن لم يكن له مال ، كالمستهلك بغير حرابة ، ويحكم عليه في القتل والجراح بما يحكم به على المرتد ، إذا فعله ثم أسلم . وهذا أصل اختلف فيه قول ابن القاسم ، فمرة نظر للقود والدية يوم الفعل ، ومرة يوم الحكم ، وجعل القود يوم الفعل ، والدية يوم الفعل ، ومرة يوم الحكم ، ومرة فرق ، فجعل القود يوم الفعل ، والدية يوم الحكم . فعلى اعتبار يوم الفعل في الجناية والدية : إن قتل مسلما أو نصرانيا عمدا ، أقيد منه ; لأنه كافر يوم الفعل ، والكافر يقتل بالكافر ، [ ص: 139 ] والمسلم بالمسلم ، أو خطأ ، فالدية على المسلمين ; لأنهم ورثته يوم الجناية ، ولا عاقلة له يومئذ . وعلى ملاحظته يوم الحكم : يقتل بالمسلم دون النصراني ، والدية في ماله ، وإن قتلهما خطأ ، فعلى العاقلة ; لأنه يوم الحكم مسلم . وعلى هذا يجري القول الثالث . وفي النوادر : لو لحق بدار الحرب ، فقاتلنا وأسرناه ، استتابه الإمام وقبل توبته ، وإن أبى قتله على الردة والحرابة ، فإن تاب لزمه حق الله ، وحق الناس ، ولا يزيل ذلك عنه ردته ، ( قاله عبد الملك ) .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في النوادر : قال مالك : ( إن ظفرت باللص - وهو مشهور - فارفعه إلى الإمام ، وإلا فالستر أحسن ، وليس بالبين ) .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                في الجواهر : حكم المحارب في الغرم حد أم لا ، موسرا أم لا ، حكم السارق ، قال سحنون : إذا أخذ ووفره متصل ، لزمه المال ، وصداق المكرهة ، وقيمة المستهلك ، ودية النصراني ، وقيمة العبد ، وإن لم يتصل وفره ، لم يتبع بشيء ، وإن لم يجد لزمه في ماله وذمته .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                قال : الجرح الساري يحتمل القتل .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                قال : إذا اجتمعت عقوبات الآدميين ، كالقذف ، والقطع ، والقتل ، وطلبوا [ ص: 140 ] جميعا جلد ، ثم قتل ، ودخل القطع في القتل ، وحدود الله تعالى ، كالخمر ، والزنا ، والسرقة ، فالقتل يأتي على ما قبله .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                قال : إذا اشتهر فلان بالحرابة ، فشهد عليه من يعرفه بعينه : أنه فلان المشهور ، حد .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية