الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 46 ] الباب السادس

                                                                                                                في

                                                                                                                ترتيب المواريث على النسب

                                                                                                                وفي الجواهر : الواحد من بني الصلب يحوز المال إذا انفرد ، والاثنان والجماعة يقسمونه بالسواء ، والذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين ، والإناث فقط للواحدة المنفردة النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان ، وولد الابن مع عدم الأبناء للصلب كميراث ولد الصلب ، وللواحدة منهن مع بنت الصلب السدس تكملة الثلثين الواحدة والجماعة ، ويسقطن مع الاثنتين فصاعدا إلا أن يكون معهن ذكر في درجتهن أو أسفل منهن ، فإن كان بنات ابن بعضهن أسفل من بعض فللعليا النصف وللوسطى السدس وتسقط السفلى إلا أن يكون معها أو أسفل منها ذكر فيعصبها أو يعصب من معه في درجته معها ، وإن كان مع الوسطى أخذ الباقي معها مقاسمة وسقطت السفلى ، أو في الطبقة العليا اثنتين استكملتا الثلثين وسقطت السفلى ، أو في الطبقة العليا اثنتين استكملتا الثلثين وسقطت الوسطى ومن بعدها ، إلا أن يكون معهن ذكر في درجتهن أو أسفل منهن .

                                                                                                                والأب إذا انفرد حاز المال بالتعصيب ، وإن كان معه ذو فرض سواء إناث ولد الصلب وولد الابن أخذ ذو الفرض فرضه وأخذ هو الباقي بالتعصيب ، ويفرض له مع ولد الصلب أو ولد الابن ذكورهم وإناثهم السدس ، فإن فضل عن إناثهم فضل أخذه بالتعصيب .

                                                                                                                وفرض الأم الثلث ، ومع الولد وولد الابن أو اثنين من الإخوة أو الأخوات السدس ، ولها مع الأب وزوج أو زوجة ثلث ما بقي .

                                                                                                                وللجد إن انفرد جميع المال ، وله السدس مع ذوي السهام إلا أن يفضل شيء فيأخذه بالتعصيب ، وله مع الإخوة أو الأخوات أو مجموعهم كانوا أشقاء أو [ ص: 47 ] لأب الأفضل من الثلث أو المقاسمة ، ففي ثلاث أخوات أو أخ الثلث أفضل ، وأربع أخوات أو أخوين استوى المقاسمة والثلث ، وحيث قاسمهم على المعادة وبعضهم أشقاء وبعضهم لأب رجع الأشقاء على إخوة الأب فيأخذون ما في أيديهم ، كجد وأخ شقيق وأخ لأب فللجد الثلث ، ويأخذ الشقيق ما في يد الأخ للأب فيتحصل له الثلثان ، أو شقيق وأخت لأب فالقسمة من خمسة للجد سهمان ولها سهم يأخذه الأخ من يدها ، فإن كانت شقيقة والأخ للأب فتأخذ الأخت تمام فرضها من يد الأخ وهو هاهنا سهم ونصف يكمل لها به النصف من أصل المال ، فإن كان الأشقاء يستوفون الثلثين لم يقع هاهنا معادة .

                                                                                                                وفي المقدمات جد وأخت شقيقة وأخ لأب وأخت لأب إذا فضل من المال بعدما أخذه الجد أكثر من النصف أخذت الشقيقة كمال النصف بعد المعادة ، والفاضل عنها للإخوة للأب للذكر مثل حظ الأنثيين ، وفي المنتقى : إن لم يفضل لهم شيء كمل لها فرضها وسقطوا بعد أن عادت بهم ، هذا إذا كان معه إخوة دون ذوي سهم ، فإن كان معه إخوة وذو سهم أعطي الأفضل من ثلاثة أحوال : السدس من أصل المال ، أو ثلث ما يبقى بعد ذوي السهام ، أو المقاسمة ، نحو زوجة وأخ شقيق أو لأب وجد ، المقاسمة مع الأخ أفضل للجد ، وأم وزوج وجد وثلاثة إخوة أشقاء أو لأب فالسدس أفضل ; لأن للزوج ثلاثة من ستة ، وللأم سهما ، يبقى سهمان أخذه أحدهما أفضل له ، وزوجة وجد وأربع أخوات ، ثلث الباقي أفضل ، ثم إن كان الإخوة أشقاء أو لأب فالمعادة ورجوع الأشقاء على الإخوة للأب كما تقدم إذا لم يكن ذو سهم ، ولا يفرض للأخوات مع الجد شيء لأنه جعل كأخ إلا في الأكدرية كما تقدم ، ولا يسقط الأخ مع الجد إلا إذا كان فيها عوض الأخت كما تقدم .

                                                                                                                المالكية

                                                                                                                وحيث كان الأخ عوضها أو معه فيها إخوة للأم وزوج وكان الأخ للأب خاصة ، قال مالك : للزوج النصف وللأم السدس فريضة ، وللجد الباقي ; لأن الجد لو لم يكن كان للإخوة للأم الباقي ، ولا يأخذ الأخ للأب شيئا فلما [ ص: 48 ] حجبهم عنه كان أحق به ، وعنه وعن زيد : للجد السدس ، وللأخ للأب السدس كهيئة المقاسمة ، وفي المقدمات حكاية القول الأول فقط عن مالك ، قال : تسمى المالكية لصحة استدلال مالك فيها واعتباره ونظره .

                                                                                                                وفرض الجدات السدس في الاجتماع والانفراد ولا يرث منهن إلا اثنتان : أم الأم وأمهاتها ، وأم الأب وأمهاتها ولا ترث أم جد .

                                                                                                                والأخ الشقيق إذا انفرد حاز المال ، ويقتسمه الذكور على التسوية ، ومع الإناث للذكر مثل حظ الأنثيين ، وللواحدة المنفردة النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان .

                                                                                                                وميراث الإخوة للأب إذا انفردوا كالأشقاء ، ( فإن اجتمعوا مع الأشقاء ) سقطوا وإن اجتمع ولد الأخ للأب مع الإناث الأشقاء أخذ ذكورهم ما فضل بالتعصيب بعد فرض الإناث ، ولإناثهم مع الشقيقة السدس تكملة الثلثين ، ويسقطن مع الاثنتين الشقيقتين فصاعدا ، إلا أن يكون معهن ذكر في درجتهن خاصة فيعصبهن .

                                                                                                                فروع ثلاثة :

                                                                                                                الأول : في الجواهر : إذا اجتمع للشخص سببان يرث [ . . . . ] منهما فرضا مقدرا [ . . . . ] وسقط الأضعف وقع ذلك في [ . . . . . ] أو في المجوس كالأم أو البنت [ . . . . . ] بخلاف ابن العم يكون أخا لأم فيرث بعد السدس ما بقي بالتعصيب لأن قاعدة الشرع إذا تماثلت الأسباب تداخلت ، كالقتل والحدود ، وإن اختلفت ترتب على كل سبب مقتضاه ، كالزنا والقذف .

                                                                                                                الثاني : قال إذا عدمت العصوبة من القرابة فالمعتق ، فإن عدم فعصبة المعتق ، فإن عدم فمعتق المعتق ، فإن عدم فعصبة معتق المعتق إلى حيث ينتهي ، فإن عدم ذلك فبيت المال وهو عاصب وارث على المشهور كمن يعقل ، والثاني أنه حائز ، قال الأستاذ أبو بكر قال أصحابنا : هذا في زمان يكون فيه الإمام عدلا ، وأما [ ص: 49 ] حيث لا يكون الإمام عدلا فينبغي أن يورث ذوو الأرحام وأن يرد ما فضل عن ذوي السهام عليهم ، وعن ابن القاسم من مات لا وارث له يتصدق بما ترك إلا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه كعمر بن عبد العزيز فيدفع إليه .

                                                                                                                الثالث : قال الشيخ أبو إسحاق : إن مات الكافر الحر المؤدي للجزية ولا حائز لماله فميراثه لأهل كورته من أهل دينه الذين جمعهم ما وضع عليهم من الجزية ، وميراث الذمي المصالح لمن جمعهم وإياه ذلك الصلح أو من بقي من أعقابهم ، وقال ابن القاسم : بل للمسلمين .

                                                                                                                تمهيد : الجد يدلي بالأبوة فيقول أنا أبو أبيه ، والإخوة يدلون بالبنوة فيقولون نحن أبناء أبيه ، والبنوة متقدمة ، ومقتضاه سقوط الجد ، والجد يرث مع الابن السدس لأنه أب دون الإخوة ، ويسقط إخوة الأم ولا يسقطهم الإخوة فهو أقوى بهذين الوجهين ، ومقتضاهما سقوط الإخوة ، فتعارضت المرجحات فجعل أخا ما لم ينقص عن الثلث لأنه استحقه من الإخوزة للأم لأنه يسقطهم ولهم الثلث فهو له ، وله مع ذوي الفروض السدس ( ملاحظة لفريضة الأبوة وهي السدس ) فإن اجتمع الفرض والإخوة فالأحظى له من ثلاثة : السدس لأنه أب ، أو الثلث مما يبقى لحجبه الإخوة للأم ، أو المقاسمة لأنه أخ ، ولم يكن ذلك مع الإخوة لأنه معهم يصير الجميع عصبة فلا يتصور ثلث ما يبقى بل ثلث أصل المال ، ويرتقي عن السدس لأن مزاحمة الفروض بقوتها قد ذهبت فلم يبق إلا المقاسمة أو الثلث من أصل المال .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية