الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 544 ] الفصل الرابع : في مبطلاته

                                                                                                                وهي ستة :

                                                                                                                الأول : مباشرة النساء ، وفي الكتاب : إذا جامع أو قبل أو باشر ليلا أو نهارا ناسيا أو متعمدا فسد اعتكافه ويبتدئه ، وقاله ( ح ) وابن حنبل ، وخالف ( ش ) في الوطء ساهيا ; لأنه على أصله لا يبطل الصوم . لنا قوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) . فنهى عن مطلق المباشرة فيعم ، قال سند : إن وقع اللمس لغير شهوة ، فلا شيء عليه إجماعا ، وفي الموطأ عن عائشة - رضي الله عنها - : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدني إلي رأسه فأرجله . ولو مرض المعتكف فباشر بطل اعتكافه ، وكذلك لو حاضت المرأة فخرجت فوطئها زوجها - قاله ابن الماجشون فيهما ; لأنه لم يوجد مبيح للمباشرة ، قال صاحب النكت : ولو كانت مكرهة كما يبطل الصوم مع الإكراه ، قاله ابن القاسم ، ولها أن تتصرف في حوائجها وتصنع ما أرادت إلا المباشرة - لأن المنع من ذلك كان للاشتغال بالمسجد وقد فاتت ، ومنعها سحنون لبقاء حرمة الاعتكاف .

                                                                                                                وفي الكتاب : تأكل امرأته معه في المسجد وتحدثه وتصلح شأنه ما لم يلتذ ليلا أو نهارا .

                                                                                                                وفي الجواهر الثاني والثالث : الردة والسكر قارنا الابتداء أو طريا ، ويجب الاستئناف .

                                                                                                                الرابع والخامس : الجنون والإغماء يوجبان البناء دون الاستئناف ، وقال [ ص: 545 ] سند : إن كان في عقله عند الفجر أو أكثر النهار أجزأه على ما مر في الصوم .

                                                                                                                السادس في الجواهر : الكبيرة مبطلة عند العراقيين وإن صح الصوم ، كالقذف وشرب الخمر قبل الفجر - قاله في الكتاب ; لأن الاعتكاف غاية التبتل للعبادة فتنافيه المعصية ، كما قلنا أن المطلوب من الصلاة الخشوع والتذلل لله تعالى ، فتبطل بالتكبر المنافي لها بخلاف غيره ، قال سند : وسواء سكر أم لا ، ولو شرب لبنا أو دواء مخدرا فسكر كذلك زعم بعض المتأخرين تخريجه على الخمر ، وليس كذلك لعدم العصيان ، قال أبو الطاهر : ورأى المغاربة أن الكبائر لا تبطله قياسا على الصوم خلافا للبغداديين .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية