الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 106 ] فرع

                                                                                                                في الجواهر ، في كتاب البيوع وغيرها : جواز أكل لبن الآدميات إذا جمع في إناء ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وحرمه ( ح ) لأنه جزء آدمي ، فيحرم . لنا : القياس على الألبان .

                                                                                                                فرع : .

                                                                                                                قال اللخمي : إنما حرم الله تعالى الدم بقيد كونه مسفوحا ، وسوى مالك بين جملة الدماء في السمك والبراغيث وغيرهما في النجاسة ، وكل نجس حرام ، وقال أيضا : لا تعاد الصلاة من الدم اليسير ، واختلف قول مالك في غير المسفوح ، وقال ابن مسلمة : إنما يحرم المسفوح لقول عائشة - رضي الله عنها - : لولا قول الله تعالى : ( أو دما مسفوحا ) لاتبع المسلمون ما في العروق كما اتبعه اليهود ، وقال اللخمي : ودم ما لا يؤكل لحمه يحرم قليله وكثيره ، وليس على رتبة من لحمه ، ودم ما يؤكل لحمه قبل الذكاة كذلك ، وبعدها يحرم المسفوح ، وهو الذي يخرج عند الذبح ، ومنه سفح الجبل ; لأنه يسيل عليه السيل ، والسفاح الذي يقابل به النكاح ; لأنه إراقة المني من غير فائدة زائدة ، فإذا استعملت الشاة قبل تقطيعها وظهور دمها كالمشوية جاز أكلها اتفاقا ، وإن قطعت فظهر الدم فقال مرة : حرام ، وحمل الإباحة على ما لم يظهر نفيا لحرج التتبع ، ومرة قال : حلال ؛ لظاهر الآية .

                                                                                                                فلو خرج الدم بعد ذلك جاز أكله منفردا ، ودم ما لا يحتاج إلى ذكاته وهو الحوت ، فعلى القول بطهارته [ ص: 107 ] إذا صلي به حلال ، والقول بنجاسته وعدم حله أولى ، وما ليس له نفس سائلة على القول بذكاته يحرم رطوبته قبل الذكاة ، ويختلف فيما ظهر بعدها ، وعلى القول بعدمها فقبلها وبعدها سواء يختلف فيه إذا فارق .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                يوجد في وسط صفار البيض أحيانا نقطة دم يتولد منه ، فمقتضى مراعاة السفح في نجاسة الدم لا تكون نجسة ، وقد وقع فيها البحث مع جماعة ، ولم يظهر غيره .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في البيان : إذا سلق بيض ، فوجد في بعضها فرخ ميتة لا يؤكل البيض . قاله ابن القاسم . قال : وينتقض بقوله : إن اللحم إذا طبخ بالماء النجس يغسل ويؤكل ، والبيض يخرج من الدجاجة الميتة لا يؤكل لشربها رطوبة الميتة . قاله مالك ، وقال ابن نافع : يؤكل إذا اشتد كما لو ألقي في نجاسة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب الإكمال : أواني أهل الكتاب التي تطبخ فيها الميتات ولحم الخنزير تغسل وتستعمل ؛ لما في مسلم قال أبو ثعلبة الخشني : إنا [ ص: 108 ] بأرض قوم من أهل الكتاب نأكل في آنيتهم ، فقال عليه السلام : ( إن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها فإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها ) ولأن الماء طهور لكل شيء .

                                                                                                                قاعدة : كل ما حرم الله تعالى أكله ، أو حلله إما لوصفه أو سببه ، فكل ما حرم لوصفه ( لا يحل إلا بسببه ، وكل ما حل لوصفه ) لا يحرم إلا بسببه . فالسباع والميتة والخبائث ممنوعة لوصفها ، فلا تحل إلا بسببها كالاضطرار والبر ، والأطعمة المحسبة والملابس الشرعية والأنعام حلال لوصفها ، فلا تحرم إلا بسببها كالعقود الفاسدة وذكاة المجوسي والمرتد . ولنقتصر على هذه الفروع وطعام أهل الكتاب في الذبائح .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية