الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط الرابع : الصحة ، وأصله : نهيه - عليه السلام - عن إدخال وارث ، وإخراج وارث .

                                                                                                                وهو جائز في الصحة اتفاقا فتعين المرض ، والمتزوج يدخل فوجب المنع لحق الورثة .

                                                                                                                قال اللخمي : نكاح المريض ثلاثة : جائز ، وممنوع ، ومختلف فيه ; لأن المرض أربعة : غير مخوف فيجوز النكاح ، وكذلك المخوف المتطاول كالسل ، والجذام إذا تزوج في أوله ، ومخوف أشرف على الموت فيمتنع ، ومخوف غير متطاول ، ولم يشرف ، فثلاثة أقوال : فاسد ، ولا ميراث ، وهو المشهور ، وقاله مالك أيضا ، يجوز إن كان محتاجا إليه للإصابة والقيام به ، وإلا فلا ، وإجازته مطلقا . وفي الجواهر روي عن مالك صحة نكاح المرضى كيف كان المرض ، وحيث قلنا بالمنع ، قال اللخمي : إن عثر عليه في المرض ، قال محمد : يفسخ ، ( وإن دخل ، وقال ابن كنانة : يفسخ ) فقط .

                                                                                                                وقال ابن القصار : الفرقة استحبابا لصحته بعد زوال المرض ، وفي الكتاب : لا يجوز نكاح مريض ولا مريضة ، ويفسخ ولو بعد البناء ، وإن ماتت المريضة فلها الصداق ، ولا يتوارثان ، وإن دخل المريض فصداقه في [ ص: 209 ] ثلثه ; لأنه تصرف في المرض ، ويقدم على الوصايا ، والعتق ; لأنه كالمعاوضة ، ولا ترثه لتعلق حق الورثة بالتركة قبلها ، وإن صح ثبت النكاح لزوال المانع دخل أم لا ، ولها المسمى ، وقد كان يقول : يفسخ ، ثم أمرني بمحوه ، وإن فسخ قبل البناء فلا صداق ; لأن فرضه غير معتبر شرعا ، والله تعالى لم يوجب إلا نصف الصداق المفروض قبل البناء ، ولا ميراث لما تقدم .

                                                                                                                نظائر ، قال ابن بشير : إن الممحوات في الكتاب أربعة : لا يثبت نكاح المريض والمريضة بعد الصحة ، وولد الأضحية ، قال : حسن أن يذبح معها ، قال أبي : لم أره واجبا ، ثم قال : امحها . واترك ذبحه . قال ابن القاسم : وأرى عدم الوجوب ، والحالف لا يكسو امرأته ، ثم افتك لها ثيابها من الرهن ، قال : لا يحنث ، ومن سرق ولا يمين له أو يمين شلاء ، قال : يقطع رجله اليسرى ، ثم أمر بمحوها ، وقال بل يده اليسرى ، وبالأول قال ابن القاسم ، قال ابن يونس : قال في الكتاب أيضا : إذا بنى بها فلها المسمى ، وإن زاد على صداق المثل ، ولا يقدم عليه في الثلث إلا المدبر في الصحة ، وقال أيضا : يقدم على المدبر في الصحة وليس بشيء لاشتراكهما في أن مخرجهما الثلث ، وهذا مع المانع بخلاف ذلك ، وقال سحنون : إن زاد صداقها على المثل رد إليه عند ابن القاسم ، ويقدم على الوصايا والمدبر في الصحة ، ويسقط الزائد عنده ، وقيل : يحاص به في الوصايا ، ومنشأ الخلاف هل تورث فلا يكون لها الزائد لأنها وصية لوارث أو لا ، فيكون لها لأنها وصية لغير وارث .

                                                                                                                [ ص: 210 ] واختلف في نكاح الأمة ، والكافرة فجوزه أبو مصعب لعدم الميراث ، ومنعه عبد الملك لاحتمال العتق والإسلام قبل الموت .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : فلو نكح تفويضا ثم سمى ثم مات فلا شيء لها إلا أن يدخل فيكون في ثلثه ، ولو كان أضعاف صداق المثل مقدما على الوصايا ، وقال أصبغ : يقدم صداق المثل ويبطل الزائد ; لأنه الواجب بالوطء ، وقال المغيرة : صداق المريض مطلقا في رأس المال قياسا على جنايته ، وقال الشيخ أبو الحسن : ربع دينار في رأس المال ; لأنه حق الله تعالى فيحاص به أرباب الديون ، ونظيره : ترك السيد لزوجة العبد المدخول بها ربع دينار .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا تزوج بإذن ورثته لا يجوز لإمكان فوات الإذن وانتقال الميراث لغيره ، قال محمد : وهذا نادر ، وأرى جوازه .

                                                                                                                سؤال . ينبغي أن يمنع المريض من الوطء خشية إدخال وارث لظاهر النهي كالتزويج ، ولم يمنع ، جوابه : المرأة وارث محقق ، وقد يكون من الوطء حمل ، وقد لا يكون .

                                                                                                                [ ص: 211 ] فرع

                                                                                                                قال صاحب البيان : إذا غصب المريض امرأة فصداقها من رأس المال قولا واحدا ; لأنها لم تدخل على الحجر بخلاف المختارة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : ويلحق بالمريض ، والمريضة الزاحف في الصف ، وراكب البحر ، والمقرب للقتل ، والمحبوس له ، قال أبو الطاهر : والمحبوس في هؤلاء قولان ، والحامل تمتنع أيضا إلا أن يكون الحمل من العاقد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : الإقرار بالنكاح في المرض في الصحة ( أو في المرض لا يجوز ، ولا مهر ولا ميراث ، وإن أقرت بمرضها بزوج في الصحة ) فصدقها الولي لم يقبل قولها ; لأنه إقرار على غير الولي ، وإن أقرت في الصحة ثم مرضت وماتت ، وقال الولي : زوجتها منه في صحتها ، وادعى ذلك الزوج بعد الموت فله الميراث وعليه الصداق .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية