الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                المانع الخامس : وطء من لا يجوز الجمع بينها وبين غير الموطوءة لقوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ) ( النساء : 23 ) يعني في الجاهلية فإنه معفو عنه ، وفي الموطأ قال عليه السلام : ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها ) ، وضابطه : كل امرأتين بينهما من النسب أو الرضاع ما يمنع تناكحها لو قدر أحدهما رجلا لا يجوز الجمع بينهما في الوطء بعقد ولا ملك ، وقاله الأئمة ، وقد خرج بقيدي النسب والرضاع المرأة وابنة زوجها وأمه .

                                                                                                                [ ص: 311 ] تفريع

                                                                                                                في الكتاب : إذا تزوج امرأتين من لا يجوز اجتماعهما فسخ الثاني بغير طلاق ، ولها المسمى إن دخل ، والمثل إن لم يسم ، أو في عقد واحد فسخ وتزوج أيتهما شاء بعد الاستبراء ، ولا يتخير بينهما لفساد العقد ، قال ابن يونس : قال أشهب في الأول : إن بنى بها ولم تعلم ( الأولى ، وادعيا ذلك حلفتا وأخذتا صداقيهما ، واقتسمتا بينهما الميراث ، واعتدتا عدة الوفاة مع الإحداد في الموت ، قال محمد : ومع ثلاث حيض ، قال ابن يونس : فإن كانت في العدة أجزأها ، قال ابن حبيب : فإن لم ) يبن فالميراث بينهما ، ولكل واحدة نصف صداقها ، وإن بنى بواحدة معلومة فلها الصداق ، ونصف الميراث ، وللأخرى نصف الصداق ، ( ونصف الميراث ، وفي العقد الواحد الميراث والصداق ) للمبني بها دون الأخرى ، قال أشهب : إذا نسيت البينة تاريخ العقدين فالزوج مصدق في تعيين الأولى ، ويفارق الأخرى بغير طلاق ولا صداق ، وإن لم يذكر الزوج فارقهما .

                                                                                                                وفي الكتاب : إذا وطئها بملك اليمين ثم تزوج أختها توقف حتى يختار أيتهما شاء .

                                                                                                                وقال عبد الملك : لا ينعقد النكاح لتقدم مانعه ، وقال أشهب : عقد النكاح تحريم للأمة ; لأن العقد انعقد بالوطء من الملك فيندفع الملك للتضاد ، ولو باعها بعد وطئها ثم تزوج أختها فلم يطأها حتى اشترى المبيعة ، لم يطأ إلا الزوجة لورود الملك بعد المانع ، وإذا وطئ إحدى الأختين بالملك لا يطأ الأخرى حتى تحرم الأولى ببيع أو غيره ، ولو باعها ثم وطئ [ ص: 312 ] الثانية ثم اشترى المبيعة تمادى على الأولى ولو لم يطأ الثانية حتى اشترى المبيعة تخير فيهما ، ولو جمعهما في الوطء قبل تحريم إحديهما خير بينهما ، فإن اختار الموطوءة الثانية استبرأها من الماء الفاسد ، وتحريم إحديهما بالظهار لا يكفي ; إذ له الكفارة ، وكذلك بيعها من غيره ، أو ابنه الصغير : أو يتيم في حجره لتمكنه من النزع بالاعتصار أو غيره ، أو زواج فاسد ، أو بيع فاسد إلا أن يفوت بخلاف بيعها بعيب فإنه ماض حتى يرد ، أو إباقها ، أو أسرها من الأياسر ، وزاد ابن أبي زيد في المختصر : إذا دلس بعيب في البيع لا يفسده التحريم ، قال ابن يونس : إن أخذهما سنة لا يحل أختها ، أو سنين كثيرة ، أو حياة المخدم حلت ، وفي الكتاب : إن تزوجها ثم اشترى أختها فوطئها كف عن الزوجة حتى يحرم الأمة ، ولا يفسد النكاح ، ولأنه أقعد بحل الوطء وقد تقدم ، وإن زوج أم ولده ثم اشترى أختها فوطئها ثم رجعت إليه أقام على وطء الأمة لسبقه ، ولو ولدت الأمة فزوجها ثم رجعت إليه تخير بينهما لتساوي أمرهما إلا أن يطأ أولاهما رجوعا ، ومن أبان امرأته حلت أختها في عدتها والخامسة ، وقاله ( ش ) ; لانقطاع الموارثة والعصمة ، وإنما العدة حفظ للأنساب ، وقال ( ح ) ، وابن حنبل يحرمان ; لأن العدة من آثار النكاح ، ولقوله عليه السلام : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في [ ص: 313 ] رحم أختين ) ، والجواب عن الأول : أن لحوق الولد بعد أربع سنين من آثار النكاح ، ولا قائل بالحرمة ، وإنما المعتبر الاختصاص بالزوج حتى تحصل القطيعة بين الأقارب بالجمع ، وعن الثاني : أنه مطلق في الأزمان فيحمله على زمان الاختصاص قبل البينونة ، وتحرم في عدة الرجعة اتفاقا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : فإن ادعى اعترافها بانقضاء العدة في مدة مثلها فأكذبته منع من الأخت ، والخامسة ; لأن المعول في العدة على قولها ، فإن عقد فسخ إلا أن يأتي ببينة أو بما يعرف به انقضاء العدة ، وفي الجواهر : تحرم الأخت بالعتق ، والكتابة ، والتزويج دون الحيض ، والعدة ، والردة ، والإحرام ، وبيع فيه استبراء ، أو بعهدة ، أو خيار حتى ينقضي ذلك .

                                                                                                                تمهيد : الأختان بملك اليمين حرمهما قوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين ) ، وأحلهما قوله تعالى : ( أو ما ملكت أيمانكم ) وليست إحداهما أخص من الأخرى حتى تقدم عليها ; لأن الأولى تتناول المملوكتين والحرتين فهي أعم من الثانية ، والثانية تتناول الأختين وغيرهما ، فهي أعم من الأولى يكون كل منهما أعم وأخص من وجه فيستويان ، ولذلك قال عثمان رضي الله عنه : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، والترجيح للجماعة من ثلاثة أوجه : أحدها : أن الأولى سيقت للتحريم ، والثانية سيقت للمدح لحفظ الفروج ، والقاعدة : أن الكلام إذا سيق لمعنى لا يستدل به في غيره فلا تعارض الأولى ، وثانيها : أن الأولى لم يجمع على تخصيصها ، والثانية أجمع على تخصيصها بما لا يقبل الوطء من المملوكات ، وبما يقبل .

                                                                                                                [ ص: 314 ] لكنه محرم ، وغير المخصوص أرجح ، ثالثها : أن الأصل في الفروج التحريم ، حتى يتيقن الحل فتترجح الأولى .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب المنتقى : وكما يحرم الجمع في الوطء فكذلك النظر بلذة للمعصم ، والصدر قياسا على ما سوى الشرع فيه بين الوطء والنظر للذة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب النكت : قال بعض شيوخنا إذا تزوج أختا على أخت عالما بالتحريم ووطئ حد ، إلا أن تكونا أختين من الرضاع ; لأنه بالسنة ، وهو أصل كل محرم بالسنة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : وإذا قالت في عدة الرجعة انحبس الدم عني حرمت الأخت والخامسة ، وصدقت إلى سنة لظهور الحمل بعد ذلك فينظر إليه النساء .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية