الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس عن أبي سعيد ابن أخي هشام : إذا اشترط المبتاع رضا [ ص: 31 ] فلان فمات قبل ذلك ، لم يلزم البائع البيع إلا برضاه ، وهذا على قوله : ليس للمبتاع المخالفة ، أما على القول الآخر فلا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا اشترط الوكيل خيار الموكل فضاع المبيع قال مالك : ضمانه من الموكل له ليس الوكيل ، وأحب إلي أن يكون من الوكيل ، إلا أن يبين أنه وكيل فمن البائع ; لأن الموكل لم يأمره باشتراط خياره ، ولو أمره كان هلاكه منه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز للمشتري اشتراط مشورة فلان القريب ، وله مخالفته ، فإن فسد العقد كالخيار الطويل ، وليس له إجازته .

                                                                                                                قال ابن يونس : قال ابن نافع : المشورة كالخيار الطويل لا يستعمل مشترطها دون المشترط ، وعن ابن القاسم : الخيار كالمشورة في الاستقلال ، قال اللخمي : لمشترط المشاورة تركها إلا أن يدخلا على التزامها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يمتنع الخيار في الصرف ; لضيقه باشتراط المناجزة عقيب العقد ، ويجوز في السلم اليومان والثلاثة للحاجة للسؤال ، ويمتنع البعيد ; لأنه بيع دين بدين فعفي عن يسيره دون كثيره .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : الملك في زمن الخيار للبائع ، والعقد ليس بناقل حتى يتصل به الإمضاء . وقيل للمشتري ، قاله ( ش ) وابن حنبل ، والعقد ناقل ، واختيار الفسخ رد ، وقال ( ح ) : إن كان الخيار للبائع أولهما فللبائع لبقاء علقته ، وإلا فللمشتري ، ويبقى الملك معلقا حتى ينقضي الخيار ، لنا : الاستصحاب في ملك البائع ، ولأن العقد إنما ينقل الملك بالرضا من الطرفين ، ولم يحصل الرضا حتى يحصل الإمضاء . فلا ينتقل الملك ، وبه يظهر اعتماد الخصم على صورة العقد فإنا لا [ ص: 32 ] تساعد على صورة للعقد كافية ; لأن العقد لو انتقل لما رجع الأبعد ; لأنه السبب الشرعي ، والرد ليس بعقد ولا سبب شرعي لنقل ملك في غير صورة النزاع إجماعا ، فكذلك فيها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا اشترى الصبرة كل قفيز بدرهم ، ليس له ترك البعض إلا برضا البائع ، وكذلك الغنم والثياب ، قال صاحب التنبيهات : من الأصحاب من منع هذه المسألة للجهل بجملة الثمن ، قال أبو عمران : ويشترط في الغنم والثياب أن يعلم عددها بخلاف الطعام ; لأنها لا تباع جزافا ، واستحقه ابن القاسم ; لأن تفصيل الثمن معلوم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : إذا اختلفا لمن الخيار منهما قال ابن القاسم وأشهب : يتحالفان ويثبت البيع ، قال محمد : إن اتفقا على رد أو إجازة فلا يحلفان لحصول المقصود ، وإلا صدق مريد الإمضاء مع يمينه ، ولا يحلف الآخر لعدم الفائدة ، واليمين على من يحكم له ، وهذا يحكم عليه ، وعن ابن القاسم : ينقض البيع ولا تقبل دعوى واحد منهما لتساويهما ، وعنه : البيع لازم والخيار ساقط ; لأنه الأصل ، قال أصبغ : ويحلفان ولا أبالي من بدأت باليمين ، والأحسن التبدئة بالمبتاع ; لأنه آكد ، فإن نكل أحدهما دون الآخر صدق الحالف ، فإن اتفقا على الخيار واختلفا في الإمضاء والرد ففي التلقين : يقدم الراد ; لأنه مقصود الخيار ، وأما الإمضاء فالعقد كاف منه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يجوز شراء ثوب من ثوبين بخياره ، أو خمسين من مائة إن كانت جنسا واحدا ، أو ذكر صفتها وطولها وعرضها ، وإن اختلفت القيمة بعد أن تكون كلها مروية أو هروية ، فإن اختلفت الأجناس امتنع للخطر حتى يسمي ما [ ص: 33 ] يختار من كل جنس ، وكذلك إن اجتمع حرير وصوف وإبل وبقر ، لم يجز إلا على ما تقدم ، ويمتنع في الطعام اختيار صبرة من صبر ، أو نخلة ، أو شجرة من نخيل ، أو شجرة مثمرة اتفق الجنس أو اختلف ، أو كذا وكذا عزقا من نخلة ، ويدخله التفاضل في الطعام مع بيعه قبل قبضه إن كان على الكيل ; لأن الخيار بعد منتقلا عما تركه ، وكذلك عشرة آصع محمولة بدينار ، أو تسعة سمراء على الالتزام ، وكذلك أربع نخلات يختارها وأصولها من غير تمر يجوز كالعرض ، بخلاف البائع يستثني أربع نخلات ، أو خمسا أجازه مالك بعد أن وقف أربعين ليلة ، وجعله كمن باع غنمه على أن يختار منها خمسا ، وكرهه ابن القاسم ، وأجازه إن وقع ; لأن المستثنى مبقى على الملك ، قال اللخمي على القول بأن المختار لا يعد منتقلا : تجوز مسألة المحمولة أو السمراء أو يبطل التعليل بالتفاضل ، وبيع الطعام قبل قبضه ، وإذا كان المبيع كتانا أو صوفا فأربعة أوجه : إن كان بالخيار في آن يأخذ أي تلك الأصناف شاء ، امتنع استوى الثمن أو اختلف ، وإن قال : آخذ عشرة من كل صنف ، وله أن يختارها ، ويترك الجميع جاز ; لأن المبيع معلوم ، وإن كان الخيار للبائع منع حيث يمنع المشتري ، ويجوز حيث يجوز بشرط أن يكون أقل ذلك الصنف أو أقله على القول الآخر ، قال صاحب المقدمات : إذا انعقد البيع على أحد مثمنين بثمن واحد ، وهما لا يجوز تحويل أحدهما في الآخر امتنع اتفاقا مع ظهور التهمة فإن لم يتهما جاز ، مثل أن يختلف المبيعان فيما عدا الطعام في القلة والكثرة ، مع النقد أو التساوي في الأجل ، فإن جاز تحويل أحدهما في الآخر امتنع إلا على قول عبد العزيز بن أبي سلمة . وكذلك الصنف الواحد إذا اختلفت صفته حتى يجوز سلم أحدهما في الآخر ، فإن اختلفت الصفة إلا أنه لا يجوز سلم أحدهما في الآخر فيجوز عند محمد ، وإن كانا صنفا واحدا وتفاضلا في الجودة جاز على ما في المدونة وقول محمد ، وامتنع [ ص: 34 ] عند ابن حبيب ، وإن استوت الصفة جاز اتفاقا خلافا ل ( ش ) و ( ح ) ; لأن أحد الثوبين كسير من صبر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية