الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط التاسع : أن يكون إلى أجل ، ويمتنع السلم الحال ، وقاله ( ح ) ، وابن حنبل ، وجوز ( ش ) الحال ; لقوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) ولأنه - عليه السلام - ( اشترى جملا من أعرابي بوسق من تمر ، فلما دخل البيت لم [ ص: 252 ] يجد التمر ، فقال للأعرابي : لم أجد التمر ، فقال الأعرابي : واغدراه ، فاستقرض - عليه السلام - وأعطاه ) فجعل الجمل قبالة وسق في الذمة ، وهذا السلم الحال ، وبالقياس على غيره من البيوع ، وبالقياس على الثمن في البيوع لا يشترط فيه الأجل ، ولأنه إذا جاز مؤجلا فحالا أولى ; لأنه أنفى للغرر ، والجواب عن الأول : أنه مخصوص بقوله - عليه السلام - : ( من أسلم فليسلم إلى أجل معلوم ) ، وهو أخص من الآية فيقدم عليها ، وهو أمر ، والأمر للوجوب ، وعن الثاني : إن صح فليس بسلم بل وقع العقد على تمر معين موصوف ، فلذلك قال : لم أجد شيئا ، والذي في الذمة لا يقال فيه ذلك ; ليسره بالشراء ، لكن لما رأى رغبة البدوي في التمر اشترى له تمرا آخر ، ولأنه أدخل الباء على التمر فيكون ثمنا لا مثمنا ; لأن الباء من خصائص الثمن ، وعن الثالث : إن البيع موضوعه المكايسة ، والتعجيل يناسبها ، والسلم موضوعه الرفق ، والتعجيل ينافيه ، ويبطل مدلول الاسم بالحلول في السلم ، ولا يبطل مدلول البيع بالتأجيل ، فلذلك صحت مخالفة قاعدة : البيع في المكايسة بالتأجيل ، ولم يصح مخالفة السلم بالتعجيل ، وعن الرابع : أنه جواب الثالث ، وعن الخامس : أن الأولوية فرع الشركة ولا شركة هاهنا ، بل القياس لأنه جاز مؤجلا للرفق ، والرفق لا يحصل بالحلول بطريق الأولى ، بل ينتفي البتة ، سلمنا الشركة لكن لا نسلم عدم الغرر مع الحلول ، بل الحلول غرر ; لأنه إن كان عنده فهو قادر على بيعه حالا ، [ ص: 253 ] فعدوله إلى السلم قصد للغرر ، وإن لم يكن عنده : فالأجل يعينه على تحصيله ، والحلول يمنع ذلك ، وبقي الغرر ، ولهذا هو الغالب ; لأن ثمن المعين أكثر ، والغالب : أنه لا يقدر على تحصيل الأكثر فتركه الآن لأنه ليس عنده فيندرج الحال في الغرر فيمتنع ، فينعكس عليهم المقصود ، ثم نقول : أحد العوضين في السلم فلا يقع إلا على واحد كالثمن .

                                                                                                                تفريع : في الكتاب : لا يجوز بيع ما ليس عندك إلا لأجل معلوم تتغير في مثله الأسواق من غير تحديد عند مالك ، قال ابن القاسم : وأرى الخمسة عشر يوما والعشرين في البلد الواحد ، وقال ( ح ) : الأجل ثلاثة أيام كالخيار أو نصف يوم ; لأنه أقل ما يفترقان فيه من المجلس فيخرج علن السلم الحال ، قال اللخمي : يجوز الحال ، وإلى أجل قريب من شأنه أن يكون في تلك السلعة كاللحام والفكاه والرطاب والحال على أن يقبض في بلد آخر وبينهما قريب ، وعن مالك : إجازته إلى اليوم مطلقا ، وعن ابن وهب : إلى اليومين والثلاثة في الثياب والدواب أحسن من بعيد الأجل ، وتسمية الأجل ثلاثة أقسام ، واجبة ، وساقطة ، ومختلف فيها ، إذا شرط القبض في بلد العقد ، ولم يكن يقبض المشترى فيه عادة ، وساقط إذا كانت عادة لأنها تقوم مقام الشرط ، ومختلف فيها إذا لم تكن عادة ، وشرط القبض في غير بلد ، فقيل : المسافة بين البلدين كالأجل إذا خرجا على الفور ويجيران على القبض عند الوصول ، وقيل : فاسد ، وهو أحسن ; لأن السلم يتضمن المكان والزمان ، فذكر أحدهما لا يغني عن الآخر ، قال سند : وإذا قلنا : لا بد من أجل تتغير فيه الأسواق فعقدا على خلافه ، استحب محمد فسخه لفوات الشرط ، ولا يجب للخلاف فيه ، ولم يفسخه ابن حبيب ، قال : والقياس : الفساد ، وفي الجواهر : روى ابن عبد الحكم : السلم إلى [ ص: 254 ] يوم ، فقيل : هي رواية في السلم الحال ، وقيل : بل المذهب لا يختلف في منعه ، وإنما هذا خلاف في مقداره .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية