الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        12828 - قال مالك : أحسن ما سمعت فيمن كانت له غنم على راعيين مفترقين ، أو على رعاء مفترقين ، في بلدان شتى . أن ذلك يجمع كله على صاحبه ، فيؤدي منه صدقته . ومثل ذلك ، الرجل يكون له الذهب أو الورق متفرقة ، في أيدي ناس شتى ، إنه ينبغي له أن يجمعها ، فيخرج منها ما وجب عليه في ذلك من زكاتها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        12829 - قال أبو عمر : قول مالك رحمه الله : " أحسن ما سمعت " يدل على أنه قد سمع الخلاف في هذه المسألة . والأصل عند العلماء مراعاة ملك الرجل للنصاب من الورق أو الذهب أو الماشية أو ما تخرجه الأرض ، فإذا حصل في ملك الرجل نصاب كامل وأتى عليه حول فيما يراعى فيه الحول ، أو نصاب فيما تخرجه الأرض في ذلك الوقت لم يراع في ذلك افتراق المال إلا من جهة السعاة على ما نذكره عن الفقهاء بعد .

                                                                                                                        12830 - قال الشافعي : إذا كان للرجل ببلد أربعون شاة وببلد غيره عشرون شاة دفع إلى كل واحد من المصدقين قيمة ما يجب عليه من شياه فقسمها بينهما ، ولا أحب أن يدفع في أحد البلدين شاة ويترك الأخرى [ ص: 164 ] لأني أحب أن تقسم صدقة المال حيث المال .

                                                                                                                        12831 - وهذا خلاف قول مالك ; لأنه يرى أن يجمع على رب المال صدقته في موضع واحد .

                                                                                                                        12832 - وهو على ما قدمت لك أن الخليفة لا يحل إلا أن يكون واحدا في المسلمين كلهم ، وعماله في الأقطار يسألون من مر بهم : هل عندك من مال وجب فيه الزكاة ؟ وكذلك من قدم عليه السعاة .

                                                                                                                        12833 - قال الشافعي : من أدى في أحد البلدين شاة كرهت له ذلك ولم أر عليه في البلد الأخرى إعادة نصف شاة . وعلى صاحب البلد الآخر أن يصدقه في قوله ولا يأخذ منه ، فإن اتهمه أحلفه بالله . قال : وسواء كانت إحدى غنمه بالمشرق والأخرى بالمغرب في طاعة خليفة واحد أو طاعة واليين مفترقين ، إنما تجب عليه الصدقة بنفسه في ملكه لا بواليه .

                                                                                                                        12834 - قال : ولو كانت بين رجلين أربعون شاة ولأحدهما في بلد آخر أربعون شاة ، فأخذ المصدق من الشريكين شاة فثلاثة أرباعها على صاحب الأربعين الغائبة وربعها على الذي له عشرون ولا غنم له غيرها ؛ لأني أضم كل مال الرجل إلى ماله حيث كان ، ثم آخذ صدقته .

                                                                                                                        12835 - وروي عن أبي يوسف أنه قال : إذا كان العامل واحد ضم [ ص: 165 ] بعض ذلك إلى بعض فإذا كان العاملان مختلفين أخذ كل واحد منهما ما في عمله .

                                                                                                                        12836 - وكذلك قال محمد بن الحسن .




                                                                                                                        الخدمات العلمية