الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        17856 - قال مالك والذي يحكم عليه بالهدي في قتل الصيد ، أو يجب عليه هدي في غير ذلك . فإن هديه لا يكون إلا بمكة . كما قال الله تبارك وتعالى هديا بالغ الكعبة وأما ما عدل به الهدي من الصيام أو الصدقة ، فإن ذلك يكون بغير مكة حيث أحب صاحبه أن يفعله فعله .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        17857 - قال أبو عمر : أجمع العلماء أن الكعبة البيت الحرام ، وهو [ البيت العتيق ] لا يجوز لأحد فيه ذبح ولا نحر ، وكذلك المسجد الحرام . 17858 - فدل ذلك على أن معنى قوله - عز وجل - : هديا بالغ الكعبة أنه أراد الحرم يعني مساكين الحرم ، أو أراد مكة لمساكينها رفقا بجيران بيت الله وإحسانا إليهم ، وهم أهل الحرم . 17859 - على هذين القولين العلماء في قول الله ، عز وجل : هديا بالغ الكعبة . [ ص: 322 ] 17860 - وأما قوله ، عز وجل : ففدية من صيام أو صدقة أو نسك [ البقرة : 196 ] فليس ذلك عند أكثر العلماء ، وسنذكر ما لهم في ذلك كله إن شاء الله ، عز وجل . 17861 - وكان مالك يذهب إلى أن معنى قوله تعالى هديا بالغ الكعبة أنه عنى مكة ولم يرد الحرم . 147862 - قال أبو عمر : لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحاج " مكة وطرقها منحر " دل على أنه أراد مكة ، والله أعلم . 17863 - قال مالك : من نحر هديه في الحرم لم يجزه أن ينحره إلا بمكة . 17864 - وقال أبو حنيفة ، والشافعي : إن نحره في الحرم أجزاه . 17865 - وهو قول عطاء . 17866 - وقال الطبري : يجوز نحر الهدي حيث شاء المهدي إلا هدي القران وجزاء الصيد ، فإنه لا ينحره إلا في الحرم . 17867 - وقال مالك : إذا نحر هدي التمتع أو الهدي التطوع قبل يوم النحر لم يجزه . 17868 - وقال أبو حنيفة في الهدي التمتع كقول مالك ، وخالفه في التطوع فجوزه قبل يوم النحر . [ ص: 323 ] 17869 - وقال الشافعي : يجزئ نحر الجميع قبل يوم النحر . 17870 - وأما قوله ( وأما ما عدل به الهدي من الصيام والصدقة فإنه يكون بغير مكة حيث أحب صاحبه أن يفعله فعله ) فلا خلاف في الصيام أن يصوم حيث شاء ، لأنه لا منفعة في ذلك لأهل الحرم ، ولا لأهل مكة . 17871 - وأما الصدقة فلا تكون عند الشافعي والكوفيين إذا كانت بدلا من جزاء الصيد إلا بمكة لأهلها حيث يكون النحر . 17872 - ومعلوم أن النحر في العمرة بمكة وفي الحج بمنى ، وهما جميعا حرم ، فالحرم كله منحر عندهم . 17873 - وفي " العتبية " ليحيى بن يحيى ، عن وهب مثل قول مالك في موطئه أن الإطعام كالصيام يجوز بغير مكة . 17874 - وفي " الأسدية " لابن القاسم عن مالك ، قال : لا يطعم إلا في الموضع الذي أصاب فيه الصيد . 17875 - قال أبو عمر : هذا خلاف الجمهور ، ولا وجه له .




                                                                                                                        الخدمات العلمية