الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        901 [ ص: 102 ] ( 60 ) باب الحلاق

                                                                                                                        856 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اللهم ارحم المحلقين " قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : [ ص: 103 ] " اللهم ارحم المحلقين " قالوا : والمقصرين يا رسول الله . قال : [ ص: 104 ] والمقصرين .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18217 - قال أبو عمر : أما حديث ابن عمر هذا فليس فيه ذكر الموضع الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا القول .

                                                                                                                        18218 - وهو محفوظ من حديث ابن عباس وأبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، والمسور بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم الحديبية .

                                                                                                                        18219 - روى الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن إبراهيم الأنصاري قال : حدثني أبو سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 105 ] يستغفر يوم الحديبية للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة .

                                                                                                                        18220 - حدثني عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثني محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثني أحمد بن محمد بن زياد قال : حدثني أحمد بن عبد الجبار قال : حدثني يونس بن بكير قال : حدثني محمد بن إسحاق بن الزهيري ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه . . ، فذكر حديثهما في الحديبية ، قالا : فلما فرغ من الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أيها الناس قوموا فانحروا وأحلوا " فوالله ما قام رجل لما دخل قلوب الناس من الشر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أيها الناس انحروا وأحلوا " فوالله ما قام أحد من الناس ، ثم قالها الثالثة فما قام أحد من الناس ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فدخل على أم سلمة فقال : " يا أم سلمة أما ترين إلى الناس آمرهم بالأمر لا يفعلونه ؟ " فقالت : يا رسول الله لا تلمهم فإن الناس قد دخلهم أمر عظيم مما رأوك حملت على نفسك في الصلح ; فاخرج يا رسول الله لا تكلم أحدا من الناس حتى يأتي هديك فتنحر وتحل ; فإن الناس إذا رأوك فعلت ذلك فعلوا كالذي فعلت . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عندها فلم يكلم أحدا حتى أتى هديه ، فنحر وحلق ، فلما رأى الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك ، قاموا ; فنحر من كان معه هدي ، وحلق بعض وقصر بعض ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفر للمحلقين " . فقيل : يا رسول الله وللمقصرين ؟ فذكرها ثلاثة ، [ ص: 106 ] وقال في الثالثة : وللمقصرين " .

                                                                                                                        18221 - وبه عن يونس بن بكير ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي إبراهيم ، عن أبي سعيد الخدري قال : حلق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية كلهم إلا رجلين قصرا ولم يحلقا .

                                                                                                                        18222 - وبه عن ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : رحم الله المحلقين " . قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين قال : " رحم الله المحلقين . قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين قال : " والمقصرين " . قالوا : فما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم ؟ قال " لم يشكوا " .

                                                                                                                        18223 - رواه عن ابن إسحاق جماعة أصحابه ، إلا أن أبا إبراهيم [ ص: 107 ] الأنصاري هذا هو الأشهلي ، لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير .

                                                                                                                        18224 - وروى أبو داود الطيالسي قال : حدثني هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن إبراهيم الأنصاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى أصحابه حلقوا رءوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمحلقين ثلاثا وللمقصرين واحدة .

                                                                                                                        18225 - وقد ذكرنا هذه الأحاديث بالأسانيد في " التمهيد " .

                                                                                                                        18226 - وقد أجمع العلماء على أن النساء لا يحلقن وأن سنتهن التقصير ، وقد ثبت أن ذلك كان عام الحديبية ، حين أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنع من النهوض إلى البيت ، وقد تقدم ذكر أحكام المحصر في موضعه .

                                                                                                                        18227 - واختلف الفقهاء ، هل الحلاق نسك يجب على الحاج والمعتمر أم لا ؟ .

                                                                                                                        18228 - فقال مالك : الحلاق نسك يجب على الحاج المتم لحجه والمعتمر [ ص: 108 ] لعمرته ، وهو أفضل من التقصير ، ويجب على كل من فاته الحج ، أو أحصر بعدو أو مرض .

                                                                                                                        18229 - وهو قول جماعة الفقهاء إلا في المحصر بعدو هل هو من النسك أم لا ؟ فقد اختلفوا في ذلك :

                                                                                                                        18230 - وقال أبو حنيفة : المحصر ليس عليه تقصير ولا حلاق .

                                                                                                                        18231 - وقال أبو يوسف : يقصر ، فإن لم يفعل فلا شيء عليه .

                                                                                                                        18232 - وقد روي عن أبي يوسف : أن عليه الحلاق أو التقصير ، لا بد له منه .

                                                                                                                        18233 - واختلف قول الشافعي هل الحلاق من النسك ؟ أو ليس من النسك ؟ على قولين .

                                                                                                                        18234 - ( أحدهما ) : الحلاق من النسك .

                                                                                                                        18235 - ( والآخر ) : الحلاق من الإحلال ؛ لأنه ممنوع منه بالإحرام .

                                                                                                                        18236 - قال أبو عمر : من جعل الحلاق نسكا أوجب على من تركه دما .

                                                                                                                        18237 - واختلف قول مالك فيمن أفاض قبل أن يحلق :

                                                                                                                        18238 - فذكر ابن عبد الحكم قال : ومن أفاض قبل أن يحلق ، [ ص: 109 ] فليحلق ثم ليفض ، فإن لم يفض فلا شيء عليه .

                                                                                                                        18239 - قال : وقد قال : ينحر ويحلق ولا شيء عليه قال : والأول أحب إلينا .

                                                                                                                        18240 - وقال ابن حبيب : يعيد الإفاضة .




                                                                                                                        الخدمات العلمية