الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        905 860 - مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رجلا أتى القاسم بن محمد فقال : إني أفضت ، وأفضت معي بأهلي ، ثم عدلت إلى شعب ، فذهبت لأدنو من أهلي ، فقالت : إني لم أقصر من شعري بعد ، فأخذت من شعرها بأسناني ، ثم وقعت بها ، فضحك القاسم وقال : مرها فلتأخذ من شعرها بالجملين .

                                                                                                                        18262 - قال مالك : أستحب في مثل هذا أن يهرق دما . وذلك أن [ ص: 115 ] عبد الله بن عباس قال : من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18263 - قال أبو عمر : هذا الحديث بين ما فيه مدخل للقول إلا أن من السنة إذا رمى الجمرة إن كان معه هدي أن يحلق وينحر ثم يقبض ، وعمل يوم النحر الحلق والرمي للإفاضة قد أجاز فيه جمهور أهل العلم التقديم والتأخير ، ومعلوم أن من طاف للإفاضة فقد حل له النساء ، فلم يأت الرجل حراما في فعله ذلك إلا أنه أساء إذ وطئ قبل الحلق ، وعليه أن يحلق كما قال له القاسم لا غير .

                                                                                                                        18264 - واستحب له مالك الدم مع ذلك عن ابن عباس ، ولم يره عليه القاسم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " افعل ولا حرج " - يعني في التقديم والتأخير فيما يعمل يوم النحر من أعمال الحج .

                                                                                                                        18265 - روى القاسم أن التقصير بالأسنان له هذا الشأن ، وأجمعوا أن سنة المرأة : التقصير ، لا الحلاق .

                                                                                                                        18266 - وقد روى الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا تحلق المرأة رأسها " .

                                                                                                                        18267 - وقال الحسن : حلق رأسها مثلة ، فرأى القاسم الأخذ بالجلمين [ ص: 116 ] للمقصر لأنه المعروف بالتقصير ، كما أن المعروف بالحج : الحلاق بالموسى في الحج .

                                                                                                                        18268 - وكان مالك يقول : الحلق بالموسى في غير الحج مثلة .

                                                                                                                        18269 - وقال غيره : لما كان الحلق بالموسى نسكا في الحج كان في غير الحج حسنا .

                                                                                                                        18270 - وفي أخذ ابن عمر من آخر لحيته في الحج دليل على جواز الأخذ من اللحية في غير الحج ؛ لأنه لو كان غير جائز ما جاز في الحج لأنهم أمروا أن يحلقوا أو يقصروا إذا حلوا محل حجهم ما نهوا عنه في حجهم .

                                                                                                                        18271 - وابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اعفوا اللحى " وهو أعلم بمعنى ما روى . فكان المعنى عنده وعند جمهور العلماء : الأخذ من اللحية ما تطاير ، والله أعلم .

                                                                                                                        18272 - وروي عن علي ( رضي الله عنه ) أنه كان يأخذ من لحيته ما يلي وجهه . 18273 - وقال إبراهيم : كانوا يأخذون من عوارض لحاهم .

                                                                                                                        [ ص: 117 ] 18274 - وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته .

                                                                                                                        18275 - وعن أبي هريرة : أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة .

                                                                                                                        18276 - وعن ابن عمر مثل ذلك .

                                                                                                                        18277 - وعن الحسن مثله .

                                                                                                                        18278 - وقال قتادة : ما كانوا يأخذون من طولها إلا في حج أو عمرة ، كانوا يأخذون من العارضين .

                                                                                                                        18279 - كل ذلك من كتاب ابن أبي شيبة بالأسانيد .

                                                                                                                        18280 - أخبرنا عبد الوارث قال : حدثني قاسم قال : حدثني الخشني قال : حدثني محمد بن أبي عمر العدني قال : حدثني سفيان قال : حدثني ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر ، ثم قال للحجام : خذ ما تحت القبضة .




                                                                                                                        الخدمات العلمية