الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        938 [ ص: 226 ] ( 73 ) باب الإفاضة

                                                                                                                        894 - مالك ، عن نافع وعبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب خطب الناس بعرفة ، وعلمهم أمر الحج . وقال لهم فيما قال : إذا جئتم منى ، فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج ، إلا النساء والطيب ، لا يمس أحد نساء ولا طيبا ، حتى يطوف بالبيت .

                                                                                                                        [ ص: 227 ] 895 - مالك ، عن نافع وعبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال : من رمى الجمرة ، ثم حلق أو قصر ، ونحر هديا - إن كان معه - فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب ، حتى يطوف بالبيت .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18669 - قال أبو عمر : في هذه المسألة أربعة أقوال للسلف والخلف .

                                                                                                                        18670 - ( أحدها ) : قول عمر هذا : أنه من رمى جمرة العقبة فقد حل له كل ما حرم عليه إلا النساء والطيب .

                                                                                                                        18670 م - وهو مذهب عمر في الطيب على ما تقدم في باب الطيب ( عند الإحرام ) في أول الكتاب .

                                                                                                                        18671 - ( والثاني ) : إلا النساء ، والطيب ، والصيد .

                                                                                                                        18671 م - وهو قول مالك .

                                                                                                                        18672 - وحجته قول الله تعالى : لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم [ المائدة : 95 ] .

                                                                                                                        18672 م - ومن لم يحل له وطء النساء ، فهو حرام .

                                                                                                                        [ ص: 228 ] 18673 - ( والثالث ) : إلا النساء ، والصيد .

                                                                                                                        18673 م - وهو قول عطاء ، وطائفة من العلماء .

                                                                                                                        18674 - ( والرابع ) : إلا النساء خاصة .

                                                                                                                        18674 م - وهو قول الشافعي ، وسائر العلماء ، والقائلين بجواز الطيب عند الإحرام ، وقبل الطواف بالبيت على حديث عائشة .

                                                                                                                        18675 - وروى ابن عيينة ، ومعمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : قال عمر : إذا رمى الرجل الجمر بسبع حصيات ، وذبح ، وحلق ، فقد حل له كل شيء إلا النساء ، والطيب .

                                                                                                                        18675 م - وفي حديث معمر ، قال سالم : وكانت عائشة تقول : قد حل له كل شيء إلا النساء ، ثم قالت : إني طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        18676 - وزاد ابن عيينة : لحرمه ولحله قبل أن يطوف بالبيت .

                                                                                                                        18676 م - قال سالم : وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع .

                                                                                                                        18677 - ولم يذكر هذه الزيادة معمر .

                                                                                                                        [ ص: 229 ] 18677 م - وروى الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني قال : كان ابن عباس يقول : إذا رميتم الجمرة ، فقد حل لكم كل شيء أحرمتم منه إلا النساء ، فقلت : يا أبا عباس ! والطيب ؟ قال : لا ، إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضمخا بالطيب .

                                                                                                                        18678 - وذكر معمر أيضا ، عن ابن المنكدر قال : سمعت ابن الزبير يقول : إذا رميتم الجمرة ، وحلقتم ، وذبحتم ، فقد حل لكم كل شيء إلا النساء .

                                                                                                                        18678 م - وبه قال طاوس ، وعلقمة .

                                                                                                                        18679 - وروى عبد الرزاق قال : حدثنا الثوري ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : إذا رميت الجمرة ، فقد حل لك كل شيء إلا النساء والصيد ، وإن شئت أن تتطيب فتطيب ، ولك أن تقبل ، ولا يحل لك المسيس .

                                                                                                                        18679 م - وروى مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، ويحيى بن سعيد ، وربيعة : سأل سالم بن عبد الله ، وخارجة بن زيد بعد أن رمى الجمرة ، وحلق ، [ ص: 230 ] وقبل أن يفيض عن الطيب ، فرخص له خارجة بن زيد ، ونهاه سالم .

                                                                                                                        18680 - وهذا عن سالم خلاف ما رواه عنه ابن شهاب في حديث ابن عيينة .

                                                                                                                        18681 - وقد اختلف قول مالك فيمن تطيب بعد رمي الجمرة ، وقبل الإفاضة فمرة رأى عليه الفدية ، ومرة لم ير فيه شيئا ، لما جاء فيه عن عائشة ، وخارجة .

                                                                                                                        18682 - قال أبو عمر : لم يختلف الفقهاء أن طواف الإفاضة - وهو الذي يدعوه أهل العراق طواف الزيارة - لا يرمل فيه ، ولا يوصل بالسعي بين الصفا والمروة ، إلا أن يكون القادم لم يطف ، ولم يسع ، أو المكي الذي ليس عليه أن يطوف طواف القدوم ، فإن هذين يطوفان بالبيت ، وبالصفا والمروة طوافا واحدا سبعا ، وبين الصفا والمروة على ما قد أوضحناه في غير موضع من هذا الكتاب .

                                                                                                                        18683 - وذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا عبد الله وعبيد الله ابنا عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان إذا أفاض لا يزيد على طواف واحد ، ولا يرمل فيه .

                                                                                                                        18684 - قال : وأخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر مثله .

                                                                                                                        [ ص: 231 ] 18865 - وعن سعيد بن جبير ، وطاوس ، وعطاء مثل ذلك .

                                                                                                                        18686 - قال : وأخبرنا معمر ، عن ابن طاوس قال : كان أبي إذا أفاض لا يزيد على سبع واحدا .

                                                                                                                        18687 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، والثوري ، عن عبد الكريم قال : طفت مع سعيد بن جبير يوم النحر ، فلم يزد على سبع .

                                                                                                                        18688 - قال : وأخبرنا معمر ، عن طاوس ، عن أبيه قال : لا يرمل الرجل إذا أفاض إلا إذا لم يطف قبل ذلك .

                                                                                                                        18689 - قال : وأخبرنا ابن جريج قال : قال عطاء : أفاض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ، فلم يسمع في ذلك : سبع بالبيت .

                                                                                                                        18690 - قال أبو عمر : يعني لم يرمل ولم يطف بين الصفا والمروة ، إلا أن عطاء كان يقول : يطوف إن شاء .

                                                                                                                        18691 - ذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا هشيم ، عن الحجاج ، عن الحكم قال : كان أصحاب عبد الله لا يزيدون يوم النحر على سبع .

                                                                                                                        18692 - قال الحجاج : فسألت عطاء ، فقال : طف كيف شئت .

                                                                                                                        [ ص: 232 ] 18693 - قال أبو عمر : كان إبراهيم النخعي يستحب لمن أفاض أن يطوف ثلاثة أسابيع ، ويحكى عن شيوخه أنهم كانوا كذلك يفعلون .

                                                                                                                        18694 - وذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن المغيرة ، عن إبراهيم قال : كان الاختلاف إلى مكة أحب إليهم من الجوار ، وكانوا يستحبون إذا اعتمروا أن يقيموا ثلاثا ، وكانوا لا يعتمرون في السنة إلا مرة ، وكانوا يستحبون للرجل أول ما يحج أن يحلق ، وأول ما يعتمر أن يحلق ، وأول ما يحج أن يحرم من بيته ، وأول ما يعتمر أن يعتمر من بيته ، وكانوا يستحبون لمن قدم مكة ألا يخرج منها حتى يختم القرآن ، وكانوا يستحبون أن يطوفوا يوم النحر ثلاثة أسابيع ، وكانوا يقولون إذا قصر ، أو لبد أن يحلق .

                                                                                                                        18695 - قال أبو عمر : كانوا يستحبون لمن حج ، أو اعتمر أن يحلق في أول حجة يحجها ، أو عمرة يعتمرها ، يعني ولا يقصر .




                                                                                                                        الخدمات العلمية