الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        979 [ ص: 50 ] ( 2 ) باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو

                                                                                                                        935 - ذكر فيه مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ؛ أنه قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو .

                                                                                                                        قال مالك : وإنما ذلك ، مخافة أن يناله العدو .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        19366 - قال أبو عمر : هكذا قال يحيى والقعنبي ، وابن بكير ، وأكثر الرواة .

                                                                                                                        [ ص: 51 ] 19367 - وقال ابن وهب ، عن مالك في آخره : خشية أن يناله العدو ، ولم يجعله من قول مالك .

                                                                                                                        19368 - وكذلك قال عبد الله بن عمر ، والليث ، وأيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو .

                                                                                                                        19369 - وكذلك رواه إسماعيل بن أمية ، وليث بن أبي سليم عن نافع ، عن ابن عمر ، وهو لفظ مرفوع صحيح .

                                                                                                                        19370 - وأجمع الفقهاء أن لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه .

                                                                                                                        19371 - واختلفوا في جواز ذلك في العسكر المأمون الكبير .

                                                                                                                        19372 - فقال مالك : لا يسافر فيه بالقرآن إلى أرض العدو ، ولم يفرق بين العسكر الكبير والصغير .

                                                                                                                        19373 - وقال أبو حنيفة : يكره أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو إلا بالعسكر العظيم ، فإنه لا بأس بذلك .

                                                                                                                        19374 - واختلفوا في هذا الباب في تعليم الكافر القرآن :

                                                                                                                        19375 - فمذهب أبي حنيفة أنه لا بأس بتعليم الحربي ، والذمي : القرآن ، والفقه رجاء أن يرغبوا في الإسلام .

                                                                                                                        19376 - وقال مالك : لا يعلم القرآن ولا الكتاب ، وكره رقية أهل الكتاب .

                                                                                                                        19377 - وعن الشافعي روايتان :

                                                                                                                        ( أحدها ) : الكراهية .

                                                                                                                        ( والأخرى ) : الجواز .

                                                                                                                        [ ص: 52 ] 19378 - قال أبو عمر : الحجة لمن كره ذلك قول الله - عز وجل - : إنما المشركون نجس وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " لا يمس القرآن إلا طاهر " ، ومعلوم أن من تنزيه القرآن وتعظيمه إبعاده عن الأقذار ، والنجاسات ، وفي كونه عند أهل الكفر نقض له بذلك وإهانة له ، وكلهم أنجاس لا يغتسلون من نجاسة ، ولا يعافون ميتة .

                                                                                                                        19379 - وقد كره مالك وغيره أن يعطى الكفار دينارا أو درهما فيه سورة أو آية من كتاب الله تعالى ، وما أعلم في هذا خلافا إذا كانت آية تامة ، أو سورة ، وإنما اختلفوا في الدينار والدرهم إذا كان فيهما اسم من أسماء الله .

                                                                                                                        19380 - فأما الدراهم التي كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن عليها القرآن ولا اسم الله ، ولا ذكر له ، لأنها كانت من ضرب الروم ، وإنما ضربت دراهم الإسلام في أيام عبد الملك بن مروان .

                                                                                                                        19381 - فإن قيل : أفيجوز أن يكتب المسلم إلى الكافر كتابا فيه آية من كتاب الله ؟ قال : أما إذا ما دعي إلى الإسلام ، أو كانت ضرورة إلى ذلك ، فلا بأس به ؛ لما [ ص: 53 ] رواه الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : أخبرني أبو سفيان بن حرب ، فذكر قصة هرقل وحديثه ، قال : هذا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا فيه : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بدعاء الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يزيد الله أجرك مرتين ، فإن توليت ، فإن عليك إثم الأريسيين ، قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا الآية [ 64 من سورة آل عمران ] .




                                                                                                                        الخدمات العلمية