الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 94 ] 19526 - وفي هذا الباب :

                                                                                                                        سئل مالك عن رجل أوجب على نفسه الغزو فتجهز . حتى إذا أراد أن يخرج منعه أبواه ، أو أحدهما . فقال : لا يكابرهما . ولكن يؤخر ذلك إلى عام آخر . فأما الجهاز ، فإني أرى أن يرفعه ، حتى يخرج به . فإن خشي أن يفسد ، باعه وأمسك ثمنه حتى يشتري به ما يصلحه للغزو ، فإن كان موسرا يجد مثل جهازه إذا خرج ، فليصنع بجهازه ما شاء .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        19527 - قال أبو عمر : هذا استحباب منه ، ومن جمهور العلماء كلهم يستحب فيما نواه المرء وهم به من الصدقة أن يعود فيه ، وأن يضمنه إذا أخرجه حتى اللقمة يخرجها للسائل فلا يجده ، ولم يختلفوا في الصدقة إذا قبضها المعطى فقيرا كان أو غنيا أنه لا رجوع للمتصدق في شيء منها ، وكذلك كل ما كان لله تعالى إذا خرج عن يد المعطي .

                                                                                                                        19528 - وروى الحميدي ، عن سفيان قال : حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ، قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ! جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبواي يبكيان ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما " .

                                                                                                                        [ ص: 95 ] 19529 - وروى زائدة ، عن الأعمش ، عن سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمر ، قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أريد أن أجاهد معك ، قال : " أحي والداك " ، قال : نعم ، قال : " ففيهما فجاهد " .

                                                                                                                        19530 - وروى ابن جريج ، عن محمد بن طلحة ، عن معاوية بن جاهمة ، عن أبيه ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أستشيره في الجهاد ، فقال : ألك والدان ؟ ، قلت : نعم ، قال : " اذهب ، فأكرمهما ، فإن الجنة تحت رجليهما " .

                                                                                                                        [ ص: 96 ] 19531 - قال أبو عمر : لا خلاف علمته أن الرجل لا يجوز له الغزو ، ووالداه كارهان أو أحدهما ؛ لأن الخلاف لهما في أداء الفرائض عقوق ، وهو من الكبائر ، ومن الغزو ما قلت .

                                                                                                                        19532 - وذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن الحسن في الوالدين إذا أذنا بالغزو قال : إن كنت ترى هواهما في الجلوس فاجلس .

                                                                                                                        19533 - قال : وسئل الحسن : ما بر الوالدين ؟ قال : أن تبذل لهما ما ملكت ، وأن تطيعهما فيما أمراك به إلا أن تكون معصية .




                                                                                                                        الخدمات العلمية