الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 119 ] ( 8 ) باب ما يجوز للمسلمين أكله قبل الخمس

                                                                                                                        19650 - قال مالك : لا أرى بأسا أن يأكل المسلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ، ما وجدوا من ذلك كله قبل أن يقع في المقاسم .

                                                                                                                        [ ص: 120 ] 19651 - قال مالك : وأنا أرى الإبل والبقر والغنم بمنزلة الطعام . يأكل منه المسلمون إذا دخلوا أرض العدو ، كما يأكلون من الطعام ، ولو أن ذلك لا يؤكل حتى يحضر الناس المقاسم ، ويقسم بينهم ، أضر ذلك بالجيوش ، فلا أرى بأسا بما أكل من ذلك كله ، وعلى وجه المعروف ، ولا أرى أن يدخر أحد من ذلك شيئا يرجع به إلى أهله .

                                                                                                                        19652 - وسئل مالك عن الرجل يصيب الطعام في أرض العدو ، فيأكل منه ويتزود ، فيفضل منه شيء أيصلح له أن يحبسه فيأكله في أهله ، أو يبيعه قبل أن يقدم بلاده فينتفع بثمنه ؟ قال مالك : إن باعه وهو في الغزو فإني أرى أن يجعل ثمنه في غنائم المسلمين ، وإن بلغ به بلده ، فلا أرى بأسا أن يأكله وينتفع به ، وإذا كان يسيرا تافها ؛ ما لم يعتقده مالا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        19653 - قال أبو عمر : أجمع جمهور علماء المسلمين على إباحة طعام الحربيين مادام المسلمون في أرض الحرب يأكلون منه قدر حاجتهم ، وجاءت بذلك آثار مرفوعة من قبل أخبار الآحاد العدول من حديث ابن عمر ، وحديث ابن مغفل وحديث ابن أبي أوفى .

                                                                                                                        [ ص: 121 ] 19654 - وقد ذكرناها في : " التمهيد " .

                                                                                                                        19655 - وجملة قول مالك ، والثوري ، وأبي حنيفة ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والشافعي : أنه لا بأس أن يأكل الطعام والعلف في دار الحرب بغير إذن الإمام ، وكذلك ذبح الأنعام للأكل .

                                                                                                                        19656 - وهو قول أحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي ثور .

                                                                                                                        19657 - وكان ابن شهاب الزهري لا يرى أخذ الطعام في أرض الحرب إلا بإذن الإمام 19658 - ذكره عنه معمر وغيره ، ولا أعلم أحدا قاله غيره .

                                                                                                                        19659 - وروى الثوري ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قالوا : كانوا يرخصون للغزاة في الطعام والعلف .

                                                                                                                        19660 - وكره الجمهور من أهل العلم أن يخرج شيء من الطعام إلى أرض الإسلام إذا كان له قيمة ، أو كانت للناس رغبة ، وحكموا الذي يحكم لقسمة [ ص: 122 ] الغنيمة فإن أخرجه ، رده في المقاسم إن أمكنه وإلا باعه ونظر في ثمنه .

                                                                                                                        19661 - وقال الأوزاعي : ما أخرجه من ذلك إلى دار الإسلام ، فهو له أيضا .

                                                                                                                        19662 - قال أبو عمر : روى بشر بن عبادة ، عن عبادة بن نسي ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل ، أنه قال : كلوا لحم الشاة وردوا بها إلى المغنم فإن له ثمنا .

                                                                                                                        19663 - وسنذكر في باب الغلول ما للعلماء من المذاهب في تقبل ما لا يؤكل من الغنيمة والانتفاع بالأعيان منها في دار الحرب ، وبيع الناقة من فضلة الطعام ، وأخذ المباحات ، في أرضهم ما لم يكونوا يملكونه ، كعود النشاب والسروج وصعود الصيد ، وحجر السن ، ونحو ذلك - إن شاء الله .

                                                                                                                        19664 - وإنما ذكرنا في هذا الباب الطعام خاصة لخلاف غيره له في الحكم ؛ ولأن ترجمة الباب تضمنت الأكل دون غيره .




                                                                                                                        الخدمات العلمية