الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1238 1195 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب : أنه قال : عدة المستحاضة سنة .

                                                                                                                        [ ص: 100 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 100 ] 27012 - قال أبو عمر : اختلف العلماء في عدة المستحاضة :

                                                                                                                        27013 - فقال مالك : عدة المستحاضة سنة ، الحرة والأمة في ذلك سواء .

                                                                                                                        27014 - وهو قول الليث .

                                                                                                                        27015 - قال الليث : عدة المطلقة ، والمستحاضة المتوفى عنها سنة ، إذا كانت مستحاضة .

                                                                                                                        27016 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : عدة المستحاضة ، وغيرها سواء ، ثلاث حيض إن كانت الأقراء معروفا موضعها ، وإلا فهي كالآيسة .

                                                                                                                        27017 - وقال الشافعي : إذا طبق عليها الدم ، فإن كان دمها ينفصل ، فيكون في أيام أحمر قانيا محتدما كثيرا ، أو فيما بعد رقيقا قليلا ، فحيضها أيام الدم المحتدم الكثير ، وطهرها أيام الدم الرقيق المائل إلى الصفرة .

                                                                                                                        [ ص: 101 ] وإن كان دمها مشتبها كله كان حيضتها بقدر عدد أيام حيضها فيما مضى قبل الاستحاضة .

                                                                                                                        27018 - وإن بدت مستحاضة ، أو قيست أيام حيضتها ذكرت الصلاة يوما وليلة ، واستقبل عليها الحيض من أول هلال يأتي عليها بعد وقوع الطلاق ، فإذا هل هلال الشهر الرابع انقضت عدتها .

                                                                                                                        27019 - وقال الحسن البصري ، والزهري ، وجابر بن زيد ، وعطاء ، والحكم ، وإبراهيم ، وحماد : تعتد المستحاضة بالأقراء .

                                                                                                                        27020 - وقال طاوس ، وعكرمة : تعتد بالشهور .

                                                                                                                        27021 - وبه قال قتادة .

                                                                                                                        27022 - وقال أحمد ، وإسحاق في المستحاضة : إن كانت أقراؤها معلومة مستقيمة فعدتها أقراؤها ، وإن اختلطت عليها فعدتها سنة .

                                                                                                                        27023 - قال أبو عبيد : إذا جهلت أقراءها فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن علمتها اعتدت بها .

                                                                                                                        27024 - قال أبو عمر : أما إذا كانت أقراؤها معلومة ، فهي من ذوات الأقراء .

                                                                                                                        27025 - فعند جابر أن تعتد بالشهور ، أليست عليها حيضتها ، وعلمت أنها تحيض في كل شهر مرة اعتدت ثلاثة أشهر .

                                                                                                                        [ ص: 102 ] 27026 - وكذلك إن علمت أنها ممن تحيض لمدة معلومة اعتدت بأقرائها ، وإن تباعدت ، والله أعلم .

                                                                                                                        27027 - وقال مالك في المتوفى عنها زوجها : إن ارتابت من نفسها انتظرت حتى تذهب عنها الريبة ، وإن لم ترتب ، فعدتها أربعة أشهر وعشر .

                                                                                                                        27028 - وقال أبو عمر : أوجب الله تعالى على المتوفى عنها زوجها أن تتربص أربعة أشهر وعشرا قبل أن تنكح .

                                                                                                                        27029 - وأجمع العلماء على أن ذلك عام في الحرة الصغيرة والكبيرة ما لم تكن حاملا عبادة من الله في الصغيرة ، وبراءة للأرحام فيمن يخاف عليهن الحمل ، وحفظا للأنساب .

                                                                                                                        27030 - واختلفوا هل يلزم ذوات الأقراء أن تكون الأربعة الأشهر والعشر فيهن حيضة أم لا ؟

                                                                                                                        27031 - فقال مالك وأصحابه : إن المتوفى عنها إن كانت ممن تحيض ، فلا بد من حيضة في الأربعة الأشهر والعشر ; لتصح بها براءة رحمها ، وإن لم تحض ، فهي عندهم سواء به على اختلاف أصحابه في ذلك .

                                                                                                                        27032 - وروى أشهب ، وابن نافع عن مالك : أنه سأله ابن كنانة على الحرة تعتد أربعة أشهر وعشرا ، ولم تسترب ، وذلك أن حيضتها من ستة أشهر إلى ستة أشهر ، أتتزوج ؟ قال : لا تتزوج حتى تحيض ، وتبرأ من الريبة .

                                                                                                                        27033 - قال ابن نافع : أرى أن تتزوج ، ولا تنتظر ، وأما التي لا تتزوج [ ص: 103 ] فهي التي وفت حيضتها أربعة أشهر وعشرا ، مما دون ، فيتجاوز الوقت ، ولم تحض بتلك المدة .

                                                                                                                        27034 - وروى ابن القاسم ، عن مالك ، قال : إذا كانت عادتها في حيضها أكثر من أمر العدة ، ولم تسترب نفسها ، ورآها النساء ، فلم يروا بها حملا تزوجت إن شاءت .

                                                                                                                        27035 - وروى ابن حبيب ، عن ابن الماجشون مثل ذلك .

                                                                                                                        27036 - وروي عن مطرف ، عن مالك مثل رواية أشهب ، وابن نافع .

                                                                                                                        27037 - قال أبو عمر : الذي عليه مذهب أبي حنيفة ، والثوري ، والشافعي ، وجمهور أهل العلم أن الأربعة الأشهر والعشر للمتوفى عنها برء ما لم تسترب نفسها ريبة تنفيها بالحمل ، فتكون عدتها وضع حملها حينئذ دون مراعاة الأربعة الأشهر والعشر .

                                                                                                                        27038 - قال مالك : والمرتفعة الحيض من المرض كالمرتابة في العدة .

                                                                                                                        27039 - قال : والأمة المستحاضة ، والمرتابة بغير الحيض حالهما في العدة وحال الحرة سواء سنة .

                                                                                                                        27040 - وقال مالك في قوله - عز وجل - : إن ارتبتم [ الطلاق : 4 ] معناه : إن لم تدروا ما تصنعون في أمرها .

                                                                                                                        27041 - وقال مالك في التي يرفع الرضاع حيضتها : إنها لا تحل حتى تحيض ثلاث حيض ، وليست كالمرتابة والمستحاضة .

                                                                                                                        27042 - قال أبو عمر : أما التي يرتفع حيضها من أجل الرضاع ، فقد ذكر [ ص: 104 ] مالك فيها حديثا ، في كتاب طلاق المريض ، عن يحيى بن يحيى ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، أن عثمان قضى فيها عن رأي أنها ترث زوجها إذا لم تحض ثلاث حيض .

                                                                                                                        27043 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : كتب إلي الزهري : أن رجلا طلق امرأته ، وهي ترضع ابنا له ، فمكثت سبعة أشهر ، أو ثمانية أشهر لا تحيض ، فقيل له : إن مت ورثتك ، فقال : احملوني إلى عثمان ، فحملوه ، فأرسل عثمان إلى علي ، وزيد ، فسألهما ، فقالا : نرى أن ترثه ، فقالا : لأنها ليست من اللاتي يئسن من المحيض ، ولا من اللاتي لم يحضن ، وإنما يمنعها من الحيض الرضاع ، فأحذ الرجل ابنه منها فلما فقدته حاضت حيضة ، ثم حاضت في الشهر الثاني حيضة أخرى ، ثم مات قبل أن تحيض الثالثة ، فورثته .

                                                                                                                        27044 - قال : وحدثنا أبو خالد الأحمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ كانت عنده امرأتان امرأة من بني هاشم ، وامرأة من الأنصار ، وأنه طلق الأنصارية ، وهي ترضع ، وكانت إذا أرضعت مكثت سنة لا تحيض ، فمات حبان عن رأس السنة ، فورثها عثمان ، وقال للهاشمية : هذا رأي ابن عمك علي بن أبي طالب .




                                                                                                                        الخدمات العلمية