الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1255 1214 - وروى مالك ، عن حميد بن قيس المكي ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد بن المسيب ; أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء ، يمنعهن الحج .

                                                                                                                        1215 - وروى مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ; أنه كان يقول : لا تبيت المتوفى عنها زوجها ، ولا المبتوتة إلا في بيتها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        27419 - وفي هذه المسألة قول ثان ، روي عن علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وعائشة ، وجابر بن عبد الله أنهم قالوا : تعتد المتوفى عنها زوجها حيث شاءت ، وليس عليها السكنى بواجب في بيتها أيام عدتها .

                                                                                                                        [ ص: 183 ] 27420 - وبه قال الحسن البصري ، وجابر بن زيد ، وعطاء بن أبي رباح .

                                                                                                                        27421 - وإليه ذهب داود ، وأهل الظاهر ، قالوا : لأن السكنى إنما ورد في [ ص: 184 ] القرآن في المطلقات ، وليس للمتوفى عنها زوجها سكنى .

                                                                                                                        27422 - قالوا : والمسألة مسألة خلاف ، وإيجاب السكنى إيجاب حكم ، والأحكام لا تجب إلا بنص كتاب ، أوسنة ثابتة ، أو إجماع .

                                                                                                                        27423 - قالوا : وهذا الحديث إنما ترويه امرأة غير معروفة بحمل العلم ، وذكروا ما رواه ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، عن ابن عباس ، قال : إنما قال الله تعالى : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] ولم يقل في بيوتهن .

                                                                                                                        27424 - وروى الثوري ، وغيره ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن علي - رضي الله عنه - أنه انتقل ابنته أم كلثوم في عدتها حين قتل عنها عمر - رضي الله عنه .

                                                                                                                        27425 - وروى معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قال : خرجت عائشة بأختها أم كلثوم حيت قتل عنها طلحة بن عبيد الله إلى مكة في عمرة .

                                                                                                                        27426 - قال عروة : وكانت عائشة تفتي المتوفى عنها زوجها بالخروج في عدتها .

                                                                                                                        27427 - وروى الثوري ، عن عبد الله بن عمر أنه سمع القاسم بن محمد يقول : أبى ذلك الناس عليها ، والله أعلم .

                                                                                                                        27428 - قال أبو عمر : قد أخبر القاسم أن الناس في زمن عائشة - يعني [ ص: 185 ] علماء زمانها - أنكروا ذلك عليها ، وهم طائفة من الصحابة ، وجلة التابعين ، وقد ذكرنا من روينا ذلك عنه في هذا الباب منهم .

                                                                                                                        27429 - وجملة القول في هذه المسألة أن فيها للسلف والخلف قولين ، مع أحدهما سنة ثابتة ، وهي الحجة عند التنازع ، ولا حجة لمن قال بخلافها .

                                                                                                                        27430 - وليس قول من طعن في إسناد الحديث الوارد بها مما يجب الاشتغال به ; لأن الحديث صحيح ، ونقلته معروفون ، قضى به الأئمة ، وعملوا بموجبه . وتابعهم جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز ، والعراق ، وأفتوا به ، وتلقوه بالقبول لصحته عندهم .

                                                                                                                        27431 - وأما قولها في هذا الحديث : فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ، فقد اختلف الفقهاء في المتوفى عنها زوجها إذا كان السكن الذي يسكنه بكراء :

                                                                                                                        27432 - فقال مالك : هي أحق بسكناه من الورثة ، والغرماء من رأس مال المتوفى ، إلا أن لا يكون فيه عقد لزوجها . وأراد أهل المسكن إخراجها .

                                                                                                                        27433 - قال : وإذا كان المسكن لزوجها فبيع في دينه ، فهي أولى بالسكنى فيه حتى تنقضي عدتها .

                                                                                                                        [ ص: 186 ] 27434 - قال : وكان ابن القاسم يجيز بيع دار المتوفى للغرماء ، ويستثني للمرأة السكنى فيها حتى تنقضي عدتها .

                                                                                                                        27435 - وقال محمد بن عبد الله بن محمد بن الحكم : البيع فاسد ; لأنها قد ترتاب ، فتمتد عدتها .

                                                                                                                        27436 - وقال سحنون : لو ارتابت كان كالعيب يظهر للمشتري .

                                                                                                                        27437 - قال أبو عمر : قول سحنون كقول ابن القاسم ، وهو الأصح ; لأن الارتياب نادر ، ولا يعتبر مع إطلاق البيع قبل الكراء ، فإن طرأ كان كالعيب ، والاستحقاق ، يطرأ على البيع الصحيح .




                                                                                                                        الخدمات العلمية