الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        23 21 - مالك ، عن يحيى بن سعيد أنه كان يقول : إن المصلي ليصلي الصلاة وما فاته وقتها . ولما فاته من وقتها أعظم أو أفضل من أهله وماله .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        577 - هكذا هذا الحديث في الموطأ من قول يحيى بن سعيد .

                                                                                                                        578 - وهو مروي عن النبي - عليه السلام - إلا أنها وجوه ضعيفة الإسناد ، ويردها أيضا أطول الآثار الصحاح .

                                                                                                                        579 - فمن ذلك أن غير مالك طائفة تروي هذا الحديث ، عن يحيى بن سعيد ، عن يعلى بن مسلم ، عن طلق بن حبيب ، عن النبي - عليه السلام - وهذا مرسل .

                                                                                                                        580 - وطلق بن حبيب ثقة عندهم فيما نقل ، إلا أنه رأس من رؤوس المرجئة ، وكان مع ذلك عابدا فاضلا ، وكان مالك يثني عليه لعبادته ، ولا يرضى مذهبه .

                                                                                                                        [ ص: 280 ] 581 - وقد روي مسندا إلا أنه حديث يدور على يعقوب بن الوليد ، وهو متروك الحديث .

                                                                                                                        [ ص: 281 ] 582 - حدثنا أحمد بن القاسم بن عيسى قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن حنانه قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثني جدي قال : حدثنا يعقوب بن الوليد ، عن ابن أبي ذئب ، عن ( . . . . ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أحدكم ليصلي الصلاة وما فاته من وقتها أشد عليه من أهله وماله " .

                                                                                                                        583 - وأما الأصول التي ترد هذا الحديث : ( فمنها ) حديث نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " .

                                                                                                                        584 - فلم يقع التمثيل والتشبيه هاهنا إلا لمن فاته وقت الصلاة كله بدليل قوله : " من أدرك ركعة من العصر " وبدليل قوله حين صلى في طرفي الوقت : " ما بين هذين وقت " .

                                                                                                                        585 - وحديث يحيى بن سعيد يدل أن من فاته بعض وقت الصلاة في حكم من فاته الوقت كله في ذهاب أهله وماله .

                                                                                                                        586 - وقد حكى ابن القاسم ، عن مالك : أنه لم يعجبه قول يحيى بن سعيد المذكور ، وذلك لما وصفنا ، والله أعلم .

                                                                                                                        587 - وقد يحتمل حديث يحيى بن سعيد ، وما كان مثله من الحديث المسند : فمن فاته أول الوقت أن يكون قد فاته من الفضل ما كان خيرا من أهله وماله ; [ ص: 282 ] لأن الفضائل التي يستحق عليها ثواب الآخرة قليلها أفضل من الدنيا وما فيها ، لا أنه كمن وتر أهله وماله على ما في حديث ابن عمر .

                                                                                                                        588 - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها " .

                                                                                                                        589 - والذي يفيدنا حديث يحيى بن سعيد والحديث المرفوع - تفضيل أول الوقت على آخره ; لأن من فاته أول الوقت فاته كمن فاته الوقت كله .

                                                                                                                        590 - والدليل على تفضيل أول الوقت على آخره حديث أبي عمرو الشيباني ، عن ابن مسعود قال : " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة لأول وقتها " .

                                                                                                                        591 - وحديث عبد الملك بن عمير ، عن أبي خيثمة ، عن الشفاء : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها " .

                                                                                                                        592 - وحديث عبد الله بن عمر ، عن القاسم بن غنام ، عن بعض أمهاته ، عن أم فروة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل ؟ قال : " الصلاة في أول وقتها " .

                                                                                                                        593 - وقد ذكرنا هذه الآثار من طرق في كتاب " التمهيد " .

                                                                                                                        594 - وفي قوله تعالى : " فاستبقوا الخيرات " ( البقرة : 148 ) ما يكفي ، مع أنه معلوم في شواهد العقول أنه مزيد ، وإلى الطاعة أفضل ممن تأخر عنها ، وإن كان مباحا له التأخير ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية