الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        253 222 - وروى مالك في هذا الباب ، عن محمد بن يوسف ، عن السائب بن يزيد ، أنه قال : أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة . قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        6257 - ورواه ابن عيينة ، عن إسماعيل بن أمية ، عمن حدثه عن السائب بن يزيد قال : أمر عمر أبي بن كعب أن يقيم بالناس في شهر رمضان ، فكان القارئ يقرأ بالمئين ولا ينصرف من القيام حتى يرى فروع الفجر ، لم يذكر ابن عيينة في هذا الخبر تميما الداري مع أبي بن كعب كما ذكره مالك .

                                                                                                                        [ ص: 152 ] 6258 - وقد يمكن أن يكون تميم الداري أقيم للنساء ; لأن في حديث ابن شهاب - وهو أثبت حديث في هذا الباب - أنه جمعهم على أبي بن كعب .

                                                                                                                        6259 - وقد روى ابن عيينة عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن عمر بن الخطاب جمع الناس في قيام رمضان : الرجال على أبي بن كعب ، والنساء على سليمان بن أبي حثمة ، فيمكن أن يكون تميم الداري أقيم وقتا ما للنساء ، والله أعلم .

                                                                                                                        6260 - وابن عيينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أنس بن مالك قال : لما دخلت العشر الأواخر من شهر رمضان أبق إمامنا - يعني أبي بن كعب - وكان يصلي بالرجال .

                                                                                                                        6261 - وأما قول عمر : نعمت البدعة في لسان العرب : اختراع ما لم يكن وابتداؤه ، فما كان من ذلك في الدين خلافا للسنة التي مضى عليها العمل فتلك بدعة لا خير فيها وواجب ذمها ، والنهي عنها ، والأمر باجتنابها ، وهجران مبتدعها ، إذا تبين له سوء مذهبه . وما كان من بدعة لا تخالف أصل الشريعة والسنة فتلك نعمت البدعة - كما قال عمر - لأن أصل ما فعله سنة .

                                                                                                                        [ ص: 153 ] 6262 - وكذلك قال عبد الله بن عمر في صلاة الضحى ، وكان لا يعرفها ، وكان يقول : وللضحى صلاة ؟

                                                                                                                        6263 - وذكر ابن أبي شيبة ، عن ابن علية ، عن الجريري ، عن الحكم ، عن الأعرج ، قال : سألت ابن عمر عن صلاة الضحى ، فقال : بدعة ، ونعمت البدعة .

                                                                                                                        6264 - وقد قال تعالى - حاكيا عن أهل الكتاب - : " ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله " ( سورة الحديد - الآية 27 ) .

                                                                                                                        6265 - وأما ابتداع الأشياء من أعمال الدنيا فهذا لا حرج فيه ولا عيب على فاعله .

                                                                                                                        6266 - وأما قوله : والتي ينامون عنها أفضل ، فلما جاء في دعاء الأسحار .

                                                                                                                        6267 - وقد أثنى الله على المستغفرين بالأسحار .

                                                                                                                        6268 - وجاء عن أهل العلم بتأويل القرآن في قوله تعالى - حاكيا عن يعقوب - : " سوف أستغفر لكم ربي " ( سورة يوسف : الآية 98 ) . قالوا : أخرهم إلى السحر .

                                                                                                                        6269 - وقال - عليه السلام - : " ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل " ، ويروى : " نصف الليل ، فيقول : هل من داع ؟ هل من مستغفر ؟ هل من تائب ؟ " .

                                                                                                                        6270 - وسيأتي ذكر هذا الحديث في موضعه .

                                                                                                                        [ ص: 154 ] 6271 - وفي حديث مالك ، عن محمد بن يوسف ، عن السائب بن يزيد ، قال : أمر عمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة .

                                                                                                                        6272 - هكذا قال مالك في هذا الحديث إحدى عشرة ركعة . وغير مالك يخالفه فيقول في موضع : إحدى عشرة ركعة ، إحدى وعشرين ، ولا أعلم أحدا قال في هذا الحديث : إحدى عشرة ركعة غير مالك والله أعلم .

                                                                                                                        6273 - إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر - بإحدى عشرة ركعة ، ثم خفف عليهم طول القيام ، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة ، يخففون فيها القراءة ، ويزيدون في الركوع والسجود ، إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة - الوهم ، والله أعلم .

                                                                                                                        6274 - وذكر عبد الرزاق عن داود بن قيس وغيره ، عن محمد بن يوسف ، عن السائب بن يزيد : أن عمر بن الخطاب جمع الناس في رمضان على أبي بن كعب وتميم الداري على إحدى وعشرين ركعة ، يقومون بالمئين ، وينصرفون في فروع الفجر .

                                                                                                                        6275 - وروى وكيع ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب نهر رجلا يصلي بهم عشرين ركعة .

                                                                                                                        6276 - وروى الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن السائب بن يزيد ، قال : كنا ننصرف من القيام على عهد عمر . وقد دنا فروع الفجر وكان القيام [ ص: 155 ] على عهد عمر بثلاث وعشرين ركعة .

                                                                                                                        6277 - وهذا محمول على أن الثلاث للوتر ، والحديث الأول على أن الواحدة للوتر والوتر بواحدة قد تقدمها ركعات يفصل بينهن وبينها بسلام وبثلاث لا يفصل بينها بسلام .

                                                                                                                        6278 - كل ذلك معروف معمول به بالمدينة ، وسنذكر ذلك في موضعه من هذا الكتاب ، ونذكر وجه اختيار مالك لما اختاره من ذلك ، إن شاء الله .

                                                                                                                        6279 - وذكر عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمران بن موسى أن يزيد بن خصيفة أخبره ، عن السائب بن يزيد ، قال : جمع عمر الناس على أبي بن كعب وتميم الداري ، فكان أبي يوتر بثلاث ركعات .

                                                                                                                        6280 - وعن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : كان أبي يوتر بثلاث لا يسلم إلا من الثالثة مثل المغرب .

                                                                                                                        6281 - وقد سئل مالك عن الإمام يوتر بثلاث لا يفصل بينهن ، فقال : أرى أن يصلى خلفه ولا يخالف .

                                                                                                                        6282 - قال مالك : كنت أنا أصلي معهم فإذا كان الوتر انصرفت ولم أوتر معهم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية