الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        286 256 - وروى مالك في هذا الباب عن يحيى بن سعيد أن عائشة قالت : إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخفف ركعتي الفجر حتى أني لأقول : أقرأ فيهما بأم القرآن أم لا ؟

                                                                                                                        [ ص: 294 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 294 ] 6882 - وقد ذكرنا من أسند هذا الحديث عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن عبد الرحمن أبي الرجال ، عن عمرة ، عن عائشة من الثقات .

                                                                                                                        6883 - وهو حديث ثابت صحيح بهذا الإسناد .

                                                                                                                        6884 - وحديث أبي الرجال ، عن عمرة ، عن عائشة ، رواه شعبة وغيره ، عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ، سمع عمرة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طلع الفجر صلى ركعتين فأقول : أقرأ [ ص: 295 ] فيهما بفاتحة الكتاب أم لا ؟

                                                                                                                        6885 - وقد روى يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمرة ، عن عائشة .

                                                                                                                        6886 - وهو عندي وهم ، والله أعلم وإنما هو ليحيى بن سعيد ، عن محمد بن عبد الرحمن أبي الرجال ، عن أمه عمرة ، عن عائشة .

                                                                                                                        [ ص: 296 ] 6887 - وقد رواه هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة .

                                                                                                                        6888 - وقد ذكرنا الأسانيد بذلك كله في " التمهيد " .

                                                                                                                        6889 - وفي قول عائشة : حتى أني لأقول : أقرأ بأم القرآن أم لا ؟ ذلك على التخفيف ، ودليل على أن لا يزاد فيهما على فاتحة الكتاب هو المستحب عند مالك وأكثر العلماء .

                                                                                                                        6890 - وفي قول عائشة : أقرأ فيهما بأم القرآن أم لا ؟ دليل على أن قراءته فيهما كانت سواء .

                                                                                                                        6891 - وهو قول مالك ، والشافعي ، وطائفة من أهل المدينة .

                                                                                                                        6892 - ومن أهل العلم من يقول : يجهر بما يقرأ فيهما .

                                                                                                                        6893 - وأصبح من قال فيهما ب " قل هو الله أحد " و " قل ياأيها الكافرون " .

                                                                                                                        6894 - واستدل في " تهذيب الآثار " من ذلك تخريجها على الإباحة ; فمن شاء أسر فيهما ، ومن شاء جهر ، ومن شاء اقتصر على فاتحة الكتاب في كل واحدة منهما ، ومن شاء قرأ معها : " قل ياأيها الكافرون " و " قل هو الله أحد " 6895 - وفيه دليل أيضا على أن قراءة أم القرآن لا بد منها في كل صلاة : نافلة أو فريضة .

                                                                                                                        6896 - ويشهد لهذا التأويل قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا صلاة لمن لم يقرأ فيها [ ص: 297 ] بفاتحة الكتاب " .

                                                                                                                        6897 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام " .

                                                                                                                        6898 - وقد روي عن النبي أنه كان يقرأ فيهما ب : " قل هو الله أحد " و " قل ياأيها الكافرون " من حديث عائشة ، وحديث ابن عمر ، وحديث ابن مسعود .

                                                                                                                        [ ص: 298 ] 6899 - وهي كلها صحاح ثابتة قد ذكرتها بطرقها في " التمهيد " والحمد لله .

                                                                                                                        6900 - وروي من حديث ابن عباس ، عن النبي أنه كان كثيرا ما يقرأ في ركعتي الفجر : " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا " الآية ( البقرة : 136 ) في الركعة الأولى ، ويقرأ في الثانية : " آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون " ( آل عمران : 52 ( 6901 - وهذا كله محمول عندنا على أن ذلك مع فاتحة الكتاب لما وصفنا .

                                                                                                                        6902 - وأما أقاويل الفقهاء فيما يقرأ به في ركعتي الفجر .

                                                                                                                        [ ص: 299 ] 6903 - فقال مالك : أما أنا فلا أزيد فيها على أم القرآن في كل ركعة لحديث عائشة . رواه ابن القاسم عنه .

                                                                                                                        6904 - وقال ابن وهب عنه : لا يقرأ فيهما إلا بأم القرآن .

                                                                                                                        6905 - وقال الشافعي : يخفف فيهما ولا بأس أن يقرأ مع أم القرآن سورة قصيرة .

                                                                                                                        6906 - وروى ابن القاسم ، عن مالك أيضا مثله .

                                                                                                                        6907 - وروى البويطي عن الشافعي أنه قال : أحب أن يقرأ المصلي في ركعتي الفجر مع فاتحة الكتاب : " قل هو الله أحد " و " قل ياأيها الكافرون " .

                                                                                                                        6908 - وقال الثوري : يخفف فإن شيء من حزبه فلا بأس أن يقرأه فيهما ويطول .

                                                                                                                        6909 - وقال أبو حنيفة : ربما قرأت في ركعتي الفجر حزبي من القرآن .

                                                                                                                        6910 - وهو مذهب أصحابه .

                                                                                                                        6911 - قال أبو عمر : السنة في هذا الباب ما قاله مالك والشافعي ، والله الموفق للصواب .

                                                                                                                        6912 - حدثنا خلف بن سعيد ، وسعيد بن سيد ، وعبد الله بن محمد بن يوسف ، قالوا : حدثنا عبد الله بن محمد بن علي ، قال : أخبرنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد ، قال : حدثنا عون بن يوسف ، قال : حدثنا علي بن زياد ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن عائشة ، قالت : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركعتين قبل صلاة الفجر فقرأ فيهما : " قل هو الله أحد " و " قل ياأيها الكافرون " .

                                                                                                                        6913 - قال أحمد بن خالد : بهذا آخذ .

                                                                                                                        [ ص: 300 ] 6914 - قال أبو عمر : في مراعاة العلماء من الصحابة ومن بعدهم ، واهتبالهم بركعتي الفجر وتخفيفهما ، وما يقرأ فيهما مع مواظبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهما ، دليل على أنهما من مؤكدات السنن .

                                                                                                                        6915 - وعلى ما ذكرت لك جمهور الفقهاء إلا أن من أصحابنا من يأبى أن يسميها سنة ، ويقول : هما من الرغائب وليستا سنة .

                                                                                                                        6916 - وهذا لا وجه له ومعلوم أن أفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلها سنة يحمد الاقتداء به فيها ، إلا أن يقول - صلى الله عليه وسلم - : إن ذلك خصوص لي . وإنما يعرف من سنته المؤكدة منها من غير المؤكد بمواظبته عليها وندب أمته إليها ، وهذا كله موجود محفوظ عنه في ركعتي الفجر .

                                                                                                                        6917 - وقد قال أشهب بن عبد العزيز ، وعلي بن زياد : ركعتا الفجر سنة مسنونة .

                                                                                                                        6918 - وهو قول الشافعي ، وإسحاق ، وأحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وداود ، وجماعة أهل العلم فيما علمت .

                                                                                                                        6919 - وروى عبيد بن عمير ، عن عائشة ، قالت : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الصبح .

                                                                                                                        6920 - ومعلوم أن كل ما ليس بفريضة فهو نافلة .

                                                                                                                        6921 - ومن النوافل ما هو سنة بمواظبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                        6922 - وقد استدل بعض أهل العلم على تأكيد ركعتي الفجر في السنن بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضاهما بعد طلوع الشمس يوم نام عن الصلاة كما قضى الفريضة . ولم يأت عنه أنه قضى شيئا من السنن بعد خروج وقتهما غيرهما .

                                                                                                                        [ ص: 301 ] 6923 - وفي حديث عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسرع إلى شيء من النوافل إسراعه إلى ركعتي الفجر ولا إلى غنيمة .

                                                                                                                        6924 - وروى سعد بن هشام ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " .

                                                                                                                        6925 - وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار كلها في " التمهيد " .

                                                                                                                        6926 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا جرير ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أما ما لم يدعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحا ولا مريضا ولا في سفر ولا في حضر فركعتا الفجر .

                                                                                                                        6927 - وروى أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي - رضي الله عنه - قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله عز وجل : " ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم " ( سورة ق : 40 ) [ ص: 302 ] قال : " الركعتان قبل الغداة " .

                                                                                                                        6928 - وروى حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة ، قال : إدبار النجوم الركعتان بعد طلوع الفجر .




                                                                                                                        الخدمات العلمية