الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        381 [ ص: 205 ] 354 - مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال : لا يصلين أحدكم وهو ضام بين وركيه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        8649 - قال أبو عمر : أجمع العلماء على أنه لا ينبغي لأحد أن يصلي وهو حاقن ، إذا كان حقنه ذلك يشغله عن إقامة شيء من فروض صلاته ، وإن قل . واختلفوا فيمن صلى وهو حاقن إلا أنه أكمل صلاته :

                                                                                                                        8650 - فقال مالك فيما روى ابن القاسم عنه : إذا شغله ذلك فصلى كذلك ، فإنني أحب أن يعيد في الوقت وبعده .

                                                                                                                        8651 - وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وعبد الله بن الحسن : يكره أن يصلي وهو حاقن ، وصلاته جائزة مع ذلك إن لم يترك شيئا من فروضها .

                                                                                                                        [ ص: 206 ] 8652 - وقال الثوري : إذا خاف أن يسبقه البول قدم رجلا وانصرف .

                                                                                                                        8653 - قال أبو عمر : في هذا الباب حديث حسن أيضا قد ذكرناه بإسناده في التمهيد ، وهو حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام ، ولا هو يدافعه الأخبثان يعني البول والغائط " .

                                                                                                                        8654 - وقد أجمعوا أنه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل صلاته ولم يترك من فرائضها شيئا أن صلاته مجزية عنه ، وكذلك إذا صلى حاقنا فأكمل صلاته .

                                                                                                                        8655 - وفي هذا دليل على أن الصلاة بحضرة الطعام إنما هو ; لأن لا يشتغل قلب المصلي بالطعام فيسهو عن صلاته ولا يقيمها بما يجب عليه فيها ، وكذلك الحاقن وإن كنا نكره لكل حاقن أن يبدأ بصلاته في حالته ، فإن فعل وسلمت صلاته جزت عنه وبئس ما صنع ، والمرء أعلم بنفسه فليست أحوال الناس في ذلك سواء ، ولا الشيخ في ذلك كالشاب ، والله أعلم .

                                                                                                                        8656 - وقد روي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث لا حجة فيه لضعف إسناده ، منهم من يجعله عن أبي هريرة ومنهم من يجعله عن ثوبان ، عن [ ص: 207 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يحل لمؤمن أن يصلي وهو حاقن جدا "

                                                                                                                        8657 - وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد .

                                                                                                                        8658 - وروي عن عمر فيه كراهية .

                                                                                                                        8669 - وعن علي مثل ذلك .

                                                                                                                        8660 - وعن ابن عباس أنه قال : لأن أصلي وهو في ناحية من ثوبي أحب إلي من أن أصلي وأنا أدافعه .

                                                                                                                        8661 - وعن عبد الله بن عمر مثله .

                                                                                                                        8662 - وعن سعيد بن جبير معناه .

                                                                                                                        8663 - وعن نافع مولى ابن عمر كراهيته .

                                                                                                                        8664 - وعن عكرمة مثله .

                                                                                                                        8665 - كل هؤلاء يكرهون للحاقن الصلاة .

                                                                                                                        8666 - وروي عن المسور بن مخرمة فيه رخصة .

                                                                                                                        8667 - وعن طاوس أنه قال : إنا لنصره صرا ونضغطه ضغطا .

                                                                                                                        8668 - وعن إبراهيم النخعي أنه قال : لا بأس به ما لم يعجله عن الركوع والسجود .

                                                                                                                        [ ص: 208 ] 8669 - وعن أبي جعفر محمد بن علي ، وعطاء بن رباح ، والشعبي أنهم قالوا : لا بأس أن يصلي وهو حاقن .

                                                                                                                        8670 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن واصل ، قال : قلت لعطاء : أجد العصر من البول وتحضر الصلاة أفأصلي وأنا أجده ؟ قال : نعم إذا كنت ترى أنك تحبسه حتى تصلي .

                                                                                                                        8671 - وفي هذا الحديث قوله : " إذا أراد أحدكم الغائط " ما يدل على ما كان عليه العرب في مخاطباتها من البعد عن الفحش ، والبذاء ، والقذع ، ومجانبة الخنا ، ودناءة القول وفسولته .

                                                                                                                        8672 - ولهذا قالوا لموضع حاجة الإنسان : الخلاء ، والمذهب ، والغائط ، والمخرج ، والكنيف ، والحش ، والمرحاض ، والمرفق ، وكل ذلك كناية وفرار عن التصريح باسم الرجيع .




                                                                                                                        الخدمات العلمية