الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        497 [ ص: 154 ] 473 - وأما حديثه عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين قالت : كنت نائمة إلى جنب رسول الله ففقدته من الليل فلمسته بيدي فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول : " أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        10850 - فقد ذكرنا في ( التمهيد ) من أسند هذا الحديث ووصله .

                                                                                                                        10851 - وهو حديث متصل صحيح رواه أبو هريرة عن عائشة ، ورواه عروة عن عائشة ، وقد ذكرنا ذلك كله في ( التمهيد ) إلا أن الرواة يقولون فوقعت يدي على قدميه .

                                                                                                                        10852 - وفي هذا الحديث من الفقه عند أصحابنا دليل على أن اللمس باليد لا ينقض الطهارة إذا لم يكن لغير شهوة .

                                                                                                                        10853 - وهذه مسألة قد اختلف العلماء فيها ، وقد ذكرناها في باب الملامسة من الطهارة في هذا الكتاب .

                                                                                                                        [ ص: 155 ] 10854 - وتحصيل مذهب مالك عند أصحابه أن اللامس والملموس سواء في وجوب الوضوء على من التذ منهما ، وللشافعي في الملموس قولان ، آخرهما أن عليه الوضوء ، والآخر أن لا وضوء عليه ، لحديث عائشة هذا قولها " فوقعت يدي على قدميه " ولم تقل إنه توضأ ولا قطع الصلاة وهو قول داود ، ولم يختلف قول الشافعي أن الملامس تنتقض طهارته إذا لمس امرأة التذ أو لم يلتذ وأهل القرآن على أن الملامسة الجماع لا ما دونه .

                                                                                                                        10855 - وقد ذكرنا اختلاف السلف والخلف في موضعها من هذا الكتاب ، والحمد لله .

                                                                                                                        10856 - وأما قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " وأعوذ بك منك " فهو في معنى قوله : " أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك " .

                                                                                                                        10857 - وأما قوله : " لا أحصي ثناء عليك " فإن مالكا قال لي في ذلك : يقول لم أحصر نعمتك وإحسانك والثناء بها عليك وإن اجتهدت في الثناء .

                                                                                                                        10858 - ففي قوله : " أنت كما أثنيت على نفسك " دليل على أنه لا يبلغ في وصفه إلى وصف نفسه ومن وصفه بغير ما وصف به نفسه فقد قال بغير علم ، فإنه ليس كمثله شيء ولا يشبهه شيء ، وهو خالق كل شيء وهو بكل شيء عليم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية