الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو أخرج عشرة دراهم فقال : إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته أو نافلة فكان ماله سالما لم يجزئه ؛ لأنه لم يقصد بالنية قصد فرض خالص إنما جعلها مشتركة بين فرض ونافلة ، ولو قال عن مالي الغائب إن كان سالما فإن لم يكن سالما فنافلة أجزأت عنه ؛ لأن إعطاءه عن الغائب هكذا وإن لم يقله " .

                                                                                                                                            [ ص: 182 ] قال الماوردي : وهذا كما قال :

                                                                                                                                            المال الغائب عن مالكه حالان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون مستقرا في بلد مع وكيل أو نائب ، فعليه إخراج زكاته عن حوله في البلد الذي هو به .

                                                                                                                                            والثاني : وهو مسألة الكتاب : أن يكون المال غير مستقر ببلد ، وإنما هو سائر في بر أو بحر لا يعرف مكانه ولا تعلم سلامته ، فليس عليه إخراج زكاته قبل وصوله ؟ فإن قيل : لو كان له عبد غائب لزمته زكاة فطره وإن لم يكن عالما بمكانه .

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما أن فطرة العبد في ذمة سيده من غير جنسه فلزمه إخراجها مع غيبته ، وزكاة المال في عينه أو من جنسه فلم يلزم إخراجها مع غيبته ولو كان في فطرة العبد ترتيب يذكر في موضعه ، فإذا ثبت أن إخراجها لا يلزمه فتطوع به وجب اعتبار نيته لتعلق الحكم بها ، فنبدأ بما نقله المزني ثم نعقبه بفروعه ، نقل المزني مسألتين :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يخرج عشرة دراهم ويقول : إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته أو نافلة فكان سالما لم يجزه ، لأنه أشرك في نيته بين الفرض والنفل ، ومن شرط الزكاة إخلاص النية للفرض .

                                                                                                                                            والمسألة الثانية : أن يقول هذه زكاة مالي الغائب إن كان سالما ، فإن لم يكن سالما فنافلة ، فكان ماله سالما أجزأه لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه أخلص النية مع سلامة المال ، وبنى ذلك على أصل ؛ لأن الأصل بقاء المال .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لو أخرجها بنية الفرض أو أطلق من غير شرط ، وقال : هذه زكاة مالي الغائب كان موجب ذلك أنه عن مالي الغائب إن كان سالما ، وإذا كان هذا الشرط من موجبه كان ذكره تأكيدا ، أو لم يكن مؤثرا في الإجزاء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية