الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن اتخذ رجل أو امرأة إناء من ذهب أو ورق زكياه في القولين جميعا : لأنه ليس لواحد منهما اتخاذه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : اتخاذ أواني الذهب والفضة حرام لرواية محمد بن سيرين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استعمال أواني الذهب والفضة ولما فيه من الترف والخيلاء ، وأنه من زي الأكاسرة والأعاجم وقد قال صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم . وإذا [ ص: 276 ] كان محظورا فزكاته واجبة ، فأما اتخاذها للادخار لا للاستعمال فعلى وجهين مضيا . مذهب الشافعي منهما : أنه محظور : لأن ادخاره يدعو إلى استعماله .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول بعض أصحابنا أنه مباح : لأن النهي توجه إلى الاستعمال وما سواه مباح فعلى الأول فيه الزكاة ، وعلى الثاني على قولين . فأما تعليق قناديل الفضة والذهب في الكعبة وسائر المساجد ، وتمويهها بالذهب والفضة فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : مباح كما أبيح ستر الكعبة بالديباج وإن كان حراما ، ولأن فيه تعظيما للدين وإعزازا للمسلمين فعلى هذا إن كان ذلك وقفا للكعبة فلا زكاة فيه ، وإن كان ملكا لربه فعلى قولين :

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه محظور وهو قول أبي إسحاق وكثير من أصحابنا : لأنه لم ترد به السنة ولا عمل به أحد الأئمة ، مع ما فيه من إضاعة المال ، فعلى هذا إن كان وقفا فلا زكاة فيه وإن كان محظورا : لأنه ليس لمالك من المسلمين وإن كان ملكا لربه ففيه الزكاة : لأنه محظور .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية