الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن باعه في تضاعيف الحول وهي مسألة الكتاب ، فالكلام فيها يتعلق بالمائة الزائدة ، هل يستأنف لها الحول من وقت حصولها ، أو يبني حولها على حول أصلها ؟ فقال الشافعي هاهنا : " يستأنف لها الحول ولا تضم إلى أصل " ، وقال في كتاب " القراض " ما يقتضي أنها تضم إلى الأصل : لأنه قال : " وإذا قارضه بألف فاشترى سلعة فحال الحول ، وهي تسوي ألفين ففيها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن زكاة الجميع على رب المال .

                                                                                                                                            والثاني : أن زكاة رأس المال وحصته من الربح على رب المال - إلى آخر الفصل - فكان هذا القول دليلا على ضم الزيادة إلى الأصل فاختلف أصحابنا على ثلاثة مذاهب . أحدها : وهو قول أبي العباس بن سريج أن المسألة على اختلاف حالين ، فالذي قاله هنا أنه يستأنف بالزيادة الحول ، ولا يضمها إلى الأصل هو إذا ظهرت الزيادة وقت البيع ، والذي قاله في القراض أنها تضم إلى الأصل ولا يستأنف لها الحول إذا ظهرت الزيادة ، وقت الشراء فاختلف قوله : لاختلاف الحالين في ظهور الزيادة .

                                                                                                                                            [ ص: 287 ] والمذهب الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يستأنف بالزيادة الحول ولا يضمها إلى الأصل قولا واحدا ، سواء ظهرت وقت الشراء أو وقت البيع ، وهو ما نص عليه هاهنا ، وما قاله في " القراض " موافق لهذا : لأنه قال : " يزكي رأس المال أو ربحه إذا حال الحول " يعني : كل واحد منهما فحول الربح من يوم نض ، وحول رأس المال من يوم ملك ، وهذا أشبه بتأويل قوله :

                                                                                                                                            والمذهب الثاني : وهو قول أبي القاسم الأنماطي وأبي إسحاق المروزي : إذ المسألة على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تضم الزيادة إلى الأصل ولا يستأنف لها الحول على ما قاله في " القراض " ، وهو قول أبي حنيفة واختيار المزني : لأنه لما وجب ضم الزيادة إلى الأصل إذا وجدت عند حلول الحول وجب أن تضم إلى الأصل ، وإن وجدت في تضاعيف الحول ، لأنها في كل الحالين من نماء الأصل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يستأنف لها الحول ولا تضم إلى الأصل على ما قاله هاهنا : لقوله صلى الله عليه وسلم : لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولأنها زيادة حصلت باجتلابه ، فوجب أن يستأنف لها الحول كالمستفاد بمغنم أو هبة ، والقول الأول أصح : لأنها عندي إذا أضمت الزيادة الموجودة عند حلول الحول ، فهلا ضمت الزيادة الموجودة في تضاعيفه ؟ إذ هما سواء لا فرق بينهما ومن تكلف الفرق بينهما كان فرقه واهيا وتكلفه عماء ، فلو اشترى عرضا بمائتي درهم ثم باعه بعد ستة أشهر بثلاثمائة درهم ، ثم اشترى بالثلاثمائة عرضا ثم باعه بعد شهر بأربعمائة ، فإن قيل : تضم المائة الحاصلة إلى أصله بالربح الأول ضمت المائة الحاصلة بالربح الثاني ، فإذا حال حول المائتين أخرج زكاة أربعمائة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية