الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو اشترى عرضا للتجارة بعرض فحال الحول على عرض التجارة ، قوم بالأغلب من نقد بلده دنانير أو دراهم ، وإنما قومته بالأغلب : لأنه اشتراه للتجارة بعرض " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إذا اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير أو ماشية وما أشبه فيها الزكاة ، فيأتي مسطورا فيما بعد . وأما إن اشترى عرضا للتجارة بعرض للقنية وهي مسألة الكتاب ففيه الزكاة إذا حال حوله .

                                                                                                                                            وقال مالك : لا زكاة فيه اعتبارا بأصله .

                                                                                                                                            والدلالة على وجوب زكاته قول سمرة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإخراج الصدقة من الذي يعد للبيع ولأنه مال اشتراه للتجارة ، فوجب أن تجب زكاته كما إذا اشتراه بناض من [ ص: 288 ] ذهب أو ورق ، فإذا ثبت وجوب زكاته قوم بعد حوله بغالب نقد البلد في مثل ذلك العرض ، في وقت تقويمه لا في وقت ابتياعه ، فإن كان غالب نقد البلد دراهم قومه بالدراهم ، وإن كان دنانير قومه بالدنانير : لأنه لا أصل له يقوم به ، لكان أولى الأمور تقويمه بغالب النقد في مثله ، فإن لم تبلغ قيمته بالغالب نصابا وبلغ بغير الغالب نصابا فلا زكاة فيه : لأن غير الغالب في حكم المعدوم فإن كان نقد البلد بهما واحدا ، ولم يكن أحدهما غالبا ، فلا يخلو حال العرض من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون بأيهما قوم لم يبلغ نصابا فلا زكاة فيه .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تبلغ قيمته بالدراهم نصابا ، وبالدنانير لا تبلغ نصابا فيقوم بالدراهم وتخرج زكاته .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يبلغ قيمته بالدنانير نصابا وبالدراهم لا تبلغ نصابا فتقوم الدنانير وتخرج زكاته ، وقال بعض أصحابنا : لا يقوم بالدنانير ولا تجب فيه الزكاة ، إلا أن يفعل ذلك تطوعا وسنذكر وجه قوله .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن تبلغ قيمته بالدراهم نصابا وبالدنانير نصابا ، فقد اختلف أصحابنا بأيهما يقوم على ثلاثة مذاهب :

                                                                                                                                            أحدها : وهو قول أبي إسحاق المروزي : هو بالخيار بأيهما شاء قومه : لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يقوم بالدراهم لأنها أكثر استعمالا وأنفع للمساكين ، ولأن زكاتها مأخوذة بالنص وزكاة الذهب باجتهاد لا بنص ، وذاك الوجه المخرج في القسم الثالث من هذا .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : يقومه بأحظهما للمساكين وأنفعهما لأهل السهمان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية