الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان اشترى العرض بمائتي درهم لم يقوم إلا بدراهم ، وإن كان الدنانير الأغلب من نقد البلد " .

                                                                                                                                            [ ص: 294 ] قال الماوردي : قد ذكرنا أنه إذا اشترى عرضا بعرض أنه يقوم بغالب نقد البلد فأما إذا اشتراه بدراهم أو دنانير فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الثمن نصابا إما مائتي درهم أو عشرين دينارا ، فهذا يقومه بما اشتراه به ، وإن كان غالب نقد البلد غيره فإن اشتراه بمائتي درهم قومه بها ، وإن كان غالب نقد البلد دنانير ، وإن اشتراه بعشرين دينارا قومه بها ، وإن كان غالب نقد البلد دراهم ، وإذا اشتراه بمائتي درهم وعشرين دينارا قوم بالدراهم ما قابلها ، وبالدنانير ما قابلها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يقومه بغالب نقد البلد وهو قول ابن الحداد المصري من أصحابنا ، قال : لأن القيم لا تعتبر إلا بغالب النقد كالمتلفات وهذا غلط : لأن العرض فرع لثمنه وتقويم الفرع بأصله إذا كان له في القيمة مدخل أولى من تقويمه بغيره : لأنه قد جمع معنيين لم يجمعهما غيره .

                                                                                                                                            أحدهما : أن حوله يعتبر به .

                                                                                                                                            والثاني : أن له مدخلا في التقويم ، أو لا ترى أن الحائض ترد إلى أيامها فإذا عدمتها ردت إلى الغالب ، وكذلك في هذا الموضع فأما المتلفات فإنما قومت بالغالب لعدم ما هو أولى منه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الثمن أقل من نصاب فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الثمن جنسا واحدا .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون جنسين فإن كان جنسا واحدا كأنه اشتراه بمائة درهم ، أو عشرة دنانير فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق يقوم بغالب نقد البلد : لأنه لما لم يبن حوله على ثمنه لم يقومه بثمنه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يقوم بنفسه وهو أصح : لأنه فرعه فكان أولى به ، وإن كان الثمن جنسين كأنه اشتراه بمائة درهم وبعشرة دنانير ففيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            [ ص: 295 ] أحدها : يقوم بغالب نقد البلد .

                                                                                                                                            والثاني : بثمنه فيقوم بالدراهم ما قابلها وبالدنانير ما قابلها .

                                                                                                                                            والثالث : يقوم بالدراهم لأنها أصل وطريقها النص ، والدنانير بيع وطريقها الاجتهاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية