الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن أكل شاكا في الفجر فلا شيء عليه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الأكل فمباح ما لم يطلع الفجر الثاني : قال الله تعالى : وكلوا واشربوا [ البقرة : 187 ] الآية وروي عن عدي بن حاتم أنه أخذ خيطين أبيض وأسود ، وتركهما على وسادته ، وراعاهما إلى الصباح فلم يستبن له ، فلما أصبح أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إنك لعريض الوساد ، إنما هو بياض النهار وسواد الليل " والعرب تسمي فجر الصبح خيطا قال أبو دؤاد الأيادي

                                                                                                                                            فلما أضاءت له سدفة ولاح من الصبح خيط أنارا

                                                                                                                                            وفي قوله : " إنك لعريض الوساد " تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه نسبه إلى الخفة والحمق .

                                                                                                                                            والثاني : أن من أراد معرفة الليل والنهار من وسادته وظن أنهما قد اجتمعا فيها ، فإن وسادته عريضة ، وهذا إنما قاله له ؛ لأنه وضع الخيط تحت وسادته ، فإذا ثبت أن طلوع الفجر الثاني أول زمان الصيام ، فشك في طلوعه ، فالأولى له اجتناب الأكل خوفا من مصادفة نهار زمان الخطر ، فإن أكل وهو على جملة الشك ، فهو على صومه ، ولا قضاء عليه ما لم يتحقق طلوعه ، وقال مالك : عليه القضاء ما لم يتحقق بقاء الليل ، وهذا غلط ؛ لأن الأصل بقاء الليل ، فبالشك لا يجب الانتقال عنه فأما إن أفطر شاكا في الغروب ، ولم يبن له اليقين فعليه الإعادة ؛ لأن الأصل بقاء النهار ، وثبوت التحريم .

                                                                                                                                            [ ص: 424 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية