الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن احتاج إلى تغطية رأسه ولبس ثوب مخيط وخفين ففعل ذلك من شدة برد أو حر إن فعل ذلك كله في مكانه كانت عليه فدية واحدة وإن فرق ذلك شيئا بعد شيء كان عليه لكل لبسه فدية " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضى الكلام في أن المحرم ممنوع من لبس الثياب المخيطة ، والخفين ، وتغطية الرأس ، واستعمال الطيب ، فإن فعل شيئا من ذلك ، فعليه الفدية ، معذورا كان أو غير معذور ، لكنه إن كان غير معذور فقد أقدم على محظور وهو بذلك مأثوم ، وإن كان معذورا كان ما فعله مباحا ، ولم يكن يفعله دائما لقوله تعالى : وما جعل عليكم في الدين من حرج [ الحج : 78 ] وعليه الكفارة في الحالين ، لإيجاب الله تعالى الفدية على المريض ، إذا حلق شعره معذورا ، والجزاء على قاتل الصيد وإن كان في قتله معذورا وإذا كان هذا ثابتا ، لم تخل حاله من أحد أمرين إما أن يتكرر منه فعل ما يوجب الفدية ، أو لا يتكرر ، فإن لم يتكرر منه الفعل ، فعليه فدية واحدة ، وإن تكرر منه الفعل فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون في جنس واحد .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون في أجناس مختلفة ، فإن كانت أجناسا مختلفة كاللباس ، والطيب ، وحلق الشعر ، وتقليم الظفر ، فعلى ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون كله إتلافا ، كأنه حلق شعره ، وقلم ظفره ، وقتل صيدا ، فعليه في كل واحد من ذلك فدية ، سواء فعل ذلك متواليا ، أو متفرقا ، كفر عن الأول ، ولم يكفر .

                                                                                                                                            [ ص: 103 ] والثاني : أن يكون كله استمتاعا ، كأنه لبس ، وتطيب . فمذهب الشافعي ومنصوصه ، أن عليه في كل واحد من ذلك فدية ، لأنهما جنسان قال ابن أبي هريرة : عليه فدية واحدة ، لذا فعله في مقام واحد : لأنه استمتاع ، فكان جنسا واحدا ، وهذا خطأ : لأن ما كان إتلافا ، ففي كل واحد منه كفارة ، وإن كان الإتلاف جنسا واحدا ، فكذا الاستمتاع .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون بعضه إتلافا ، وبعضه استمتاعا كأنه حلق ، وتطيب ، فعليه في كل واحد من ذلك فدية لا يختلف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية