الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت توجبه القولين في الحلق ، فالإحلال من العمرة مبني عليهما ، فإن قلنا إن الحلق نسك يتحلل به ، فإذا طاف وسعى كان على إحرامه حتى يحلق أو يقصر .

                                                                                                                                            [ ص: 162 ] وإن قلنا إنه إباحة بعد حظر ، فقد حل من العمرة بإكمال السعي ، وإن لم يحلق ولم يقصر ، وعلى كلا القولين إن كان معه هدي ، فالمستحب والسنة أن ينحره قبل حلقه لقوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [ البقرة : 196 ] ، وموضع النحر عند إحلاله ، وإحلاله من العمرة يكون عند المروة ، فهناك ينحر وإن نحر من فجاج مكة أو الحرم أجزأه ، ثم يحلق أو يقصر ، وكلاهما جائز ، لقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين [ الفتح : 27 ] ، لكن الحلق للرجال أفضل من التقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم اغفر للمحلقين قيل : يا رسول الله والمقصرين قال : اللهم اغفر للمحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين ، فقال في الثالثة أو الرابعة والمقصرين ، لأن الحلق أعم من التقصير ، فكان أكثر ثوابا ، فإذا ثبت أن التقصير جائز والحلق أفضل منه ، فإنما ذلك فيمن لم يلبد رأسه ولا عقصه ، وأما إن كان لبد رأسه وعقصه فعلى قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قوله في القديم لا يجزئه إلا الحلق ، لرواية فليح عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لبد رأسه فقد وجب عليه الحلق .

                                                                                                                                            والثاني : وهو الصحيح وبه قال في الجديد أن التقصير يجزئه ، وإن كان الحلق أفضل له ؛ لقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين [ الفتح : 27 ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية