الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن وقت الرمي بعد الزوال ، وأن ما قبله لا يجزئه فترتيب الجمرات واجب يبدأ بالجمرة الأولى التي على مزدلفة ومسجد الخيف ، وهي القصوى من مكة ثم التي تليها ، وهي الوسطى ، ثم جمرة العقبة هي الدنيا إلى مكة ، وحكي عن عطاء والحسن أن ترتيب الجمرات ليس بواجب وبأيهما بدأ أجزأه ، وبه قال أبو حنيفة .

                                                                                                                                            [ ص: 195 ] والدلالة عليهم حديث عائشة المقدم ، ولأنه نسك يتكرر فوجب أن يكون ابتداؤه معينا كالطواف .

                                                                                                                                            فأما صفة الرمي فهو أن يبدأ بالجمرة الأولى فيعلوها علوا ويرميها بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويرفع يديه حتى يرى " ما تحت إبطيه ثم يتقدم عليها فيجعلها في قفاه ويقف في الموضوع الذي لا يناله ما تطاير من الحصى ، ثم يقف مستقبلا للقبلة ويدعو الله تعالى بقدر سورة البقرة هكذا روي عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ، ثم يأتي بالجمرة الوسطى وهي الثانية فيعلوها علوا يرميها بسبع حصيات ، ويصنع كما صنع في الجمرة الأولى ، ثم يأتي جمرة العقبة وهي الثالثة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات ولا يعلوها كما في الجمرتين قبلها ؛ لأنها على أكمله لا يمكنه غير ذلك .

                                                                                                                                            وقال مالك : يرمي الجمرات كلها من أسفلها وما ذكرناه أولى ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ثم السلف بعده ، ثم ينصرف بعد رمي جمرة العقبة ، ولا يصنع عندها كما صنع عند الجمرتين من قبل ، ثم يصلي الظهر بعد رميه ، فإن رمى بعد صلاة الظهر أجزأه ، وكذا لو ترك الذكر والدعاء لم يفتد ، ثم يرمي في اليوم الثاني والثالث كذلك في الجمرات الثلاث ، واختلف الناس في تسميتها جمرة ، فقال قوم : إنما سميت جمرة لاجتماع الناس بها ، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التجمير يعني : اجتماع الرجال والنساء في الغروات ، وقال آخرون : سميت بذلك : لأن إبراهيم عليه السلام ، لما عرض له إبليس هناك فحصه جمر من بين يديه أي : أسرع والإجمار الإسراع .

                                                                                                                                            وقال آخرون : سميت بذلك ؛ لأنها تجمر بالحصى والعرب تسمي الحصى الصغار جمارا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية