الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان الوطء الثاني قبل تكفيره عن الوطء الأول ففي وجوب الكفارة بالوطء الثاني قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا كفارة عليه بالوطء الثاني ، وهو قول أبي حنيفة واختيار المزني : لأن الكفارة تجري مجرى الحد ، والحدود إذا ترادفت من جنس واحد تداخلت ؛ ولأن الوطء في الحج كالوطء في الصوم في إيجاب القضاء والكفارة ، ثم كان الوطء الثاني في الصوم الفاسد لا يوجب الكفارة ، فكذلك الوطء الثاني في الحج الفاسد : لا يوجب الكفارة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : عليه الكفارة ، وبه قال في الجديد : لأنه وطء عمد صادف إحراما لم يتحلل شيء منه ، فوجب أن يتعلق به الكفارة كالوطء الأول ؛ ولأن كل عبادة وجبت بالوطء فيها الكفارة لو كفر عما قبله وجب فيه الكفارة ، وإن لم يكفر عما قبله كالصوم إذا وطئ في اليوم الأول منه ، فلم يكفر عنه حتى وطئ في اليوم الثاني لزمته كفارة ثانية ، كذلك الحج ، فأما الحدود فإنما تداخلت : لأنها عقوبات لا يتعلق بها حق لآدمي ، وليس كذلك الكفارات ، لتعلق حق الآدمي بها ، وأما صوم اليوم الواحد فإنما لم يجب بالوطء الثاني فيه كفارة لخروجه منه بالفساد ، والحج لا يخرج منه بالفساد ، فإذا ثبت وجوب الكفارة فيه على أصح القولين ففي الكفارة قولان على ما مضى :

                                                                                                                                            أحدهما : " بدنة " على قوله في القديم كالوطء الأول .

                                                                                                                                            والثاني : شاة على قوله الجديد كالاستمتاع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية