الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 302 ] فصل : فإذا تقرر أن جميع الصيد مضمون ، سواء كان ذا مثل أو غير ذي مثل ، فإذا أراد أن يكفر بالإطعام عن ماله من النعم مثل فيحتاج إلى اعتبار قيمته بمكان مخصوص في زمان معين ، فأما المكان فمكة ، وأما الزمان فوقت التكفير فيلزمه أن يقوم المثل‌‌ من النعم بمكة في وقت تكفيره لا في وقت قتله ، وإنما وجب اعتبار قيمته وقت تكفيره بمكة : لأن محل المثل من النعم بمكة ، وإنما وجب اعتبار قيمته وقت تكفيره لا وقت قتله : لأن القدرة على مثل المتلف إذا تعقبها العدول إلى قيمة المتلف يوجب اعتبار القيمة وقت العدول لا وقت التلف كمن أتلف على غيره طعاما فلم يأت بمثله حتى تعذر المثل ، وجب عليه قيمته وقت التعذر لا وقت التلف ، وإن أراد أن يكفر بالإطعام عن ما لا مثل له من النعم فعليه أن يقوم الصيد المقتول وقت قتله لا وقت تكفيره : لأن ما لا مثل له فاعتبار قيمته وقت إتلافه لا وقت عدمه ؛ كمن قتل عبدا كان عليه قيمته وقت إتلافه : لأن وقت عدمه وقت قتله .

                                                                                                                                            فأما موضع تقويم الصيد فعلى قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يقومه بمكة ؛ نص عليه في بعض كتبه كالإملاء إلحاقا بتقويم ما له مثل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : نص عليه في القديم والإملاء والأم : يقومه بمكانه الذي قتله فيه وهو الصحيح : لأنه لما وجب اعتبار قيمته وقت القتل دون وقت التكفير وجب أن يعتبر قيمته في موضع القتل دون موضع التكفير .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية