الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الرابع : وهو أن تكون الصفرة في الطرفين والسواد في الوسط فهذا على ستة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يبلغ كل واحد من الدماء الثلاثة قدر الحيض مثاله أن ترى خمسة أيام دما أصفر وخمسة أيام دما أسود وخمسة أيام دما أصفر : فعلى قول أبي العباس حيضها خمسة عشر يوما أيام الدماء الثلاثة ، وعلى قول أبي إسحاق حيضها عشرة أيام الخمسة السواد وما بعده من الخمسة الصفرة فلا تكون الخمسة الصفرة المتقدمة حيضا فلو رأت ستة أيام دما أصفر وستة أيام دما أسود وستة أيام دما أصفر كان حيضها على قول أبي العباس اثني عشر يوما الستة الصفرة المتقدمة والستة السواد المتوسطة وما بعدها من الستة الصفرة المتأخرة استحاضة ، وعلى قول أبي إسحاق حيضها ستة أيام السواد المتوسطة وما قبله وما بعده من الصفرتين استحاضة . فلو رأت ثمانية أيام دما أصفر وثمانية أيام دما أسود وثمانية أيام دما [ ص: 397 ] أصفر فحيضها على المذهبين معا الثمانية السواد ولا تضم إليها واحد من الصفرتين لأنه يصير مجاوزا لأكثر الحيض .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن ينقص كل واحد من الدماء الثلاثة عن قدر الحيض مثاله أن ترى ثلث يوم دما أسود وثلث يوم دما أصفر فيكون كله دم فساد ، وجميعه أقل من يوم وليلة فلو رأت نصف يوم دما أصفر ونصف يوم دما أسود ونصف يوم دما أصفر : فعلى قول أبي العباس حيضها يوم ونصف زمان الدماء الثلاثة وعلى قول أبي إسحاق حيضها يوم وليلة وهو النصف السواد وما بعده من النصف الصفرة ولا تكون الصفرة المتقدمة حيضا .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يبلغ كل واحد من الصفرتين قدر الحيض وينقص السواد المتوسط عن قدر الحيض مثاله أن ترى خمسة أيام دما أصفر ونصف يوم دما أسود وخمسة أيام دما أصفر : فعلى قول أبي العباس حيضها عشرة أيام ونصف زمان الدماء الثلاثة وهكذا يجيء على قول أبي إسحاق أيضا لأن السواد المتوسط لا يكون انفراده حيضا فصار تبعا للصفرتين . فلو رأت ثمانية أيام دما أصفر ونصف يوم دما أسود وثمانية أيام دما أصفر . فعلى قول أبي العباس حيضها ثمانية أيام ونصف الأول والسواد المتوسط وتكون الصفرة المتأخرة استحاضة تميزت عن الأول بما توسطها من السواد وعلى قول أبي إسحاق تكون مستحاضة لا تمييز لها لأن السواد بانفراده لا يكون حيضا لنقصه والصفرتان تزيد عن قدره .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن ينقص كل واحد من الصفرتين عن قدر الحيض ويبلغ السواد المتوسط قدر الحيض - مثاله أن ترى نصف يوم دما أصفر وخمسة أيام دما أسود ونصف يوم دما أصفر فعلى قول أبي إسحاق حيضها ستة أيام زمان الدماء الثلاثة وعلى قول أبي إسحاق حيضها خمسة أيام ، ونصف السواد وما بعده من الصفرة دون ما تقدمه .

                                                                                                                                            والقسم الخامس : أن يبلغ كل واحد من الصفرة المتقدمة والسواد المتوسط قدر الحيض وتنقص الصفرة المتأخرة عن قدر الحيض . مثاله أن ترى خمسة أيام دما أصفر وخمسة أيام دما أسود ونصف يوم دما أصفر فعلى قول أبي العباس حيضها عشرة أيام ونصف السواد المتوسط وما بعده من الصفرة دون ما تقدمه فلو رأت ثمانية أيام دما أصفر وسبعة أيام دما أسود ونصف يوم دما أصفر فعلى قول أبي العباس حيضها خمسة عشر يوما الصفرة الثمانية المتقدمة وما بعدها من السبعة السواد والصفرة الأخيرة دم فساد ؛ لمجاوزتها أكثر الحيض وعلى قول أبي إسحاق حيضها سبعة أيام ونصف وهي السواد المتوسط والصفرة المتأخرة ، فلو رأت ثمانية أيام دما أصفر وثمانية أيام دما أسود ونصف يوم دما أصفر ، فحيضها على المذهبين معا ثمانية أيام - وهي السواد المتوسط والصفرة المتأخرة - استحاضة فأما الصفرة المتقدمة فعلى قول أبي العباس تكون دم فساد لأنه لا يجعل الاستحاضة إلا ما كانت على [ ص: 398 ] أثر حيض وعلى قول أبي العباس الصفرة الأولى استحاضة أيضا كالصفرة الثانية ويجوز تقديم الاستحاضة على الحيض كما يجوز تأخيرها عن الحيض .

                                                                                                                                            والقسم السادس : أن ينقص كل واحد من الصفرة المتقدمة والسواد المتوسط عن قدر الحيض وتبلغ الصفرة المتأخرة قدر الحيض . مثاله أن ترى نصف يوم دما أصفر ونصف يوم دما أسود وخمسة أيام دما أصفر فعلى قول أبي العباس كل ذلك حيض وهو ستة أيام وعلى قول أبي إسحاق تكون جميعها كالصفرة المحضة لأن السواد المتوسط بنقصانه عن الحيض يكون تبعا فإن كانت ذات حيض كانت الستة كلها حيضا - وإن كانت مبتدأة فدم فساد - فهذا حكم المميزة على ما انقسمت إليه الأقسام الأربعة والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية