الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يجوز لها أن تستظهر بثلاثة أيام لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فإذا ذهب قدرها - يريد الحيضة - فاغسلي الدم عنك وصلي " ولا يقول لها النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب قدرها إلا وهي به عارفة ( قال ) وإن لم ينفصل دمها بما وصفت ثم فتعرفه وكان مشتبها نظرت إلى ما كان عليه حيضتها فيما مضى من دهرها فتركت الصلاة للوقت الذي كانت تحيض فيه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها ما أصابها فلتدع الصلاة فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم تصلي " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال إذا استحيضت المعتادة ردت إلى عادتها من غير استظهار بزيادة وهكذا المميزة وقال مالك : تستظهر بثلاثة أيام فوق عادتها إلى أن تبلغ عادتها اثني عشر يوما فإن كانت ثلاثة عشر يوما استظهرت بيومين تمام الخمسة عشر يوما وإن كانت أربعة عشر يوما استظهرت بيوم استدلالا بما رواه جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تستظهر بثلاثة أيام .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله تعالى : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [ البقرة : 238 ] فكان أمره بالمحافظة عليها يوجب الاستظهار لفعلها ويمنع من الاستظهار من تركها وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة " لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر كان ذلك مانعا من ترك الصلاة أكثر من قدرها من الشهر ثم قال : " فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي " فكان أمره بفعل الصلاة بعد أيام العادة مانعا من الاستظهار بشيء بعد - وما روى الشافعي عن عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت " استحيضت أم [ ص: 399 ] حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين فاشتكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : " هذه ليست بحيضة ولكن هذا عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي " فدل هذا الحديث على المنع من الاستظهار بزيادة فأما حديث جابر إن صح فمحمول على الاستظهار للصلاة فيمن شكت في عادتها ثلاث هي أم أربع فأمرها أن تستظهر بالرجوع إلى ثلاث وإنما حملناه على هذا التأويل لتأتلف الأخبار ولا تختلف والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية