الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو حمل له مكيلة فوجدت زائدة ، فله أجر ما حمل من الزيادة ، وإن كان الجمال هو الكيال ، فلا كراء له في الزيادة ، ولصاحبه الخيار في أخذ الزيادة في موضعه ، أو يضمن قمحه ببلده " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في رجل اكترى من جمال حمل عشرة أقفزة من صبرة طعام من البصرة إلى الكوفة بدينار ، فحملها ووجد قدرها بخلاف ما شرط ، ففي المسألة فصلان :

                                                                                                                                            أحدهما : ذكره الشافعي وهو أن يوجد ذلك زائدا .

                                                                                                                                            والثاني : لم يذكره الشافعي وهو أن يوجد ذلك ناقصا .

                                                                                                                                            فأما الفصل الأول وهو أن يوجد الطعام زائدا على العشرة ، فإن كانت الزيادة يسيرة قد تكون بين المكاييل فلا اعتبار بها ويأخذها رب الطعام ولا أجرة للجمال فيها ، وإن كانت الزيادة كثيرة لا تكون بين المكاييل ؛ مثل أن تكال العشرة فوجدت خمسة عشر قفيزا ، فينظر في مكيال مثلها بالبصرة فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون رب الطعام .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون الجمال .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون أجنبيا ، فإن كان الكيال رب الطعام ، أخذ طعامه ، ولزمه الأجرة المسماة في العشرة ، وأجرة المثل في الزيادة ، فإن تلف البعير لم يخل أن يكون مع الجمال ، أو مع رب الطعام ، أو مع أجنبي ؛ فإن كان مع رب الطعام ضمن جميع قيمته : لأنه قد جمع بين ضمان الجناية والعدوان ، وإن كان مع الجمال فقد تفرد بضمان الجناية وحدها ، فلم يلزم جميع القيمة لحدوث التلف من مباح ومحظور وفي قدر ما يلزمه قولان من اختلاف قوليه في الجلاد .

                                                                                                                                            أحدهما : يلزمه نصف القيمة .

                                                                                                                                            والثاني : يلزمه ثلث القيمة ؛ لأن الزيادة ثلث الجملة وإن كان مع أجنبي نظر فيه ، فإن [ ص: 432 ] ناب عن الجمال فهو كان لو كما بيد الجمال ، وإن ناب عن رب الطعام فهو كما لو كان بيد رب الطعام .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية