الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " وإن قال : ازرعها أو اغرسها ما شئت ، فالكراء جائز ( قال المزني ) : أولى بقوله أن لا يجوز هذا : لأنه لا يدري يغرس أكثر الأرض فيكثر الضرر على صاحبها ، أو لا يغرس فتسلم أرضه من النقصان بالغرس فهذا في معنى المجهول ، وما لا يجوز في معنى قوله وبالله التوفيق " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا الفصل يشتمل على ثلاث مسائل :

                                                                                                                                            إحداهن : أن يقول قد أجرتكها لتزرعها إن شئت ، أو تغرسها إن شئت ، فالإجارة صحيحة وهو مخير بين زرعها إن شاء ، وبين غرسها ، فإن زرع بعضها وغرس بعضها جاز : لأنه لما جاز له غرس الجميع كان غرس البعض أولى بالجواز .

                                                                                                                                            والمسألة الثانية : أن يقول قد أجرتكها لتزرعها أو تغرسها ، فالإجارة باطلة : لأنه لم يجعل له الأمرين معا ، ولا أحدهما معينا ، فصار ما أجره له مجهولا .

                                                                                                                                            والمسألة الثالثة : أن يقول قد أجرتكها لتزرعها وتغرسها ففيه وجهان : [ ص: 467 ] أحدهما : وهو مذهب المزني : أن الإجارة باطلة : لأنه لما لم يخيره بين الأمرين وجمع بينهما صار ما يزرع منها ويغرس مجهولا ، وهذا قول أبي إسحاق .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو ظاهر كلام الشافعي ، وقاله ابن أبي هريرة أن الإجارة صحيحة ، وله أن يزرع النصف ، ويغرس النصف : لأن جمعه بين الأمرين يقتضي التسوية بينهما ، فلو زرع جميعها جاز : لأن زرع النصف المأذون في غرسه أقل ضررا ، ولو غرس جميعها لم يجز : لأن غرس النصف المأذون في زرعه أكثر ضررا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية