الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يتبع دلالة مشرك بحال "

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : " لا يجوز للضرير أن يقلد مشركا في القبلة ولا للبصير أن يقبل خبره فيها قال الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [ الحجرات : 6 ] . والكفر أغلظ الفسق ، وقال تعالى : وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين [ البقرة : 140 ] ولأن [ ص: 80 ] فسقة المسلمين إذا لم يجز تقليدهم في القبلة ولا قبول خبرهم فيها فالكفر أولى ، ولأن الكافر قصده اختلال المسلم عن عبادته وفتنته في دينه ، فإن قيل : أفليس الكافر مقبول القول في الإذن ، وقبول الهدية فهلا كان مقبول القول في الإخبار عن القبلة ؟ قلنا : الإذن ، وقبول الهدية ، أوسع حكما ، ألا ترى أن قول الصبي فيه مقبول ، وأمر القبلة أغلظ ، لأن خبر الصبي فيه غير مقبول ، فأما إذا استدل مستدل من كافر مشرك دلائل القبلة كأنه سأله عن أحوال الرياح ، ومطالع النجوم فأخبره ووقع في نفسه صدقه ، ثم اجتهد لنفسه عن خبر المشرك في وجهات القبلة جاز ، لأن المسلم عمل في القبلة على اجتهاد نفسه ، وإنما قبل خبر المشرك في غيرها مما يستوي في الإخبار به من وقع في النفس صدقه من مسلم وكافر

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية