الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان الثوب غير معين فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يصفه .

                                                                                                                                            والثاني : ألا يصفه .

                                                                                                                                            فإن لم يصفه وقال : إن أعطيتني ثوبا فأنت طالق ، فهو كقوله : إن أعطيتني عبدا فأنت طالق ، فأي ثوب أعطته طلقت به تغليبا لحكم الطلاق بلا صفة ، ولا يملكه بالجهالة تغليبا لحكم المعاوضة ويرجع عليها بمهر المثل قولا واحدا .

                                                                                                                                            وإن وصفه فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعلق وقوع الطلاق بدفعه كأنه قال : إن أعطيتني ثوبا مرويا فأنت طالق ، فأعطته ثوبا فكان هرويا لم تطلق ، لأن صفته بأنه مروي صارت شرطا في وقوع الطلاق ، فإذا عدمت لم يكمل شرط الطلاق فلم يقع ، وليس كالمعين الذي يغلب حكم العين في وقوع الطلاق على حكم الصفة ، فإذا دفعت إليه بعد ذلك ثوبا مرويا طلقت به ، ثم ينظر فإن كان قد وصفه مع كونه مرويا فجميع صفاته المستحقة في السلم ملكه ، فإن وجد به عيبا رده ، ولم يكن له استرجاع مثله ، لأنه غير ثابت في الذمة ، وقد صار معينا بالدفع لوقوع الطلاق فصار كالمعين بالعقد فإذا رده ففيما يرجع به قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : بمهر المثل .

                                                                                                                                            والثاني : بقيمته مرويا سليما من العيب ، وإن لم يذكر جميع صفاته المعتبرة في السلم بل قال : إن أعطيتني ثوبا مرويا فأنت طالق ، فأي ثوب أعطته إن كان مرويا طلقت [ ص: 68 ] بدفعه لوجود الصفة المعتبرة في الطلاق ، ولا يملكه لجهالته ، ويرجع عليها بمهر مثلها قولا واحدا ، لأنه غير معين بالعقد ولا معلوم بالصفة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية