الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو ارتجع بغير بينة وأقرت بذلك فهي رجعة وكان ينبغي أن يشهد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الرجعة فلا تفتقر إلى ولي ، ولا إلى قبول الزوجة ، ويجوز للزوج أن ينفرد بها ، وهل يفتقر إلى شهادة ويكون شرطا في صحتها أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : قاله في الإملاء أن الشهادة في الرجعة واجبة مع التلفظ بها ، فإن لم يشهد كانت الرجعة باطلة ، لقول الله تعالى : وأشهدوا ذوي عدل منكم [ الطلاق : 2 ] . فهذا أمر فاقتضى الوجوب ، ولأنه عقد يستباح به بضع الحرة ، فوجب فيه الشهادة كالنكاح .

                                                                                                                                            والقول الثاني : نص عليه في القديم والجديد أنها مستحبة ليست بواجبة ، لأنه لما لم يعتبر فيها شروط النكاح في غير الشهادة من الولي والقبول لم يعتبر فيها الشهادة .

                                                                                                                                            ولأنها رفع تحريم طرأ على النكاح فأشبه الظهار .

                                                                                                                                            ولأن البيع أوكد منها لاعتبار القول فيه دونها ، ثم لم تجب الشهادة في البيع فكان بأن لا تجب لاعتبار القبول فيه دونها ثم لم تجب الشهادة في البيع فكان أن لا تجب في الرجعة أولى .

                                                                                                                                            فأما قوله تعالى : وأشهدوا ذوي عدل منكم فهو عطف على الرجعة في قوله : فأمسكوهن بمعروف [ الطلاق : 2 ] . وعلى الطلاق في قوله : أو فارقوهن بمعروف ثم لم تجب في الطلاق وهو أقرب المذكورين فكان بأن لا تجب في الرجعة لبعدها أولى ، فعلى هذا تكون الشهادة عليها ندبا إن لم تشهد صحت الرجعة وهل يكون مندوبا إلى الإشهاد على إقراره بها أم لا ؟ على وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية