الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : القول في تخليل الأصابع

                                                                                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه : ويخلل بين أصابعه لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيط بن صبرة بذلك ، وذلك أكمل الوضوء إن شاء الله .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما تخليل الأصابع فمأمور به لرواية عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال : قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال : أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ، وإذا كان كذلك فإن كانت أصابعه متضايقة أو متراكبة لا يصل الماء إلى ما بينهما إلا بالتخليل فالتخليل واجب ، وإن كانت متفرقة يصل الماء إلى ما بينها بغير تخليل فالتخليل سنة فيبدأ في تخليل أصابعه اليمنى من خنصره إلى إبهامه ثم باليسرى من إبهامه إلى خنصره ليكون تخليلها نسقا على الولاء وكيفما خللهما وأوصل الماء إليهما أجزأه .

                                                                                                                                            فصل : فأما قول الشافعي : " وذلك أكمل الوضوء إن شاء الله تعالى " ففيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه قال ذلك لأن في الناس من خالفه في الأكمل فأضاف بعضهم إلى كمال الوضوء إدخال الماء في العينين وكان ابن عمر يفعله ، وزاد عطاء فيه تخليل اللحية ، وزاد فيه غيره مسح الحلق بالماء ، فلأجل هذا الخلاف لم يقطع بأن ما ذكره أكمل الوضوء فقال إن شاء الله .

                                                                                                                                            والتأويل الثاني : أن قوله إن شاء الله ليس يعود إلى الكمال ولكن يعود إلى ما ندب إلى فعله في المستقبل ، وتقديره " فيوض كذلك إن شاء الله " .

                                                                                                                                            فصل : فأما أذكار الوضوء فالمسنون منها هو التسمية أما الوضوء وقد ثبتت الرواية بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما ما سوى التسمية من الأذكار عند غسل الأعضاء فقد جاءت بها آثار [ ص: 130 ] منقولة يختار العمل بها وإن كانت التسمية أوكد منها ، وهو أن يقول عند المضمضة : اللهم اسقني من حوض نبيك كأسا لا ظمأ بعده ، ويقول عند الاستنشاق اللهم لا تحرمني رائحة جنانك ونعيمك ، ويقول عند غسل وجهه اللهم بيض وجهي يوم تبيض فيه وجوه وتسود وجوه ، ويقول عند غسل ذراعيه اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا . ولا تعطني كتابي بشمالي فأهلك ، ويقول عند مسح رأسه اللهم أظللني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ، ويقول عند مسح أذنيه اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويقول عند غسل رجليه اللهم أجزني على الصراط ولا تجعلني ممن يتردى في النار فهذا كله مأثور عن الفضلاء الصالحين من الصحابة والتابعين .

                                                                                                                                            فصل : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه كان يمسح على الماقين " وهي تثنية ماق وهو طرف العين الذي يلي الأنف وهو مخرج الدمع ، فأما الطرف الآخر فهو اللحاظ ، ومسح الماقين معتبر بحالهما فإن كان فيهما رمص ظاهر يمنع من وصول الماء إلى محله كان مسحهما واجبا ، وإن لم يكن فيهما رمص كان مسحهما مستحبا كالتخليل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية