الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن ذكر أنه في الخامسة سجد أو لم يسجد قعد في الرابعة أو لم يقعد ، فإنه يجلس للرابعة ، ويتشهد ، ويسجد للسهو " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : صورتها في رجل قام إلى خامسة من صلاة الظهر يظنها رابعة ثم ذكر سهوه وعلم أنه في خامسة فعليه أن يعود إلى جلوسه في الرابعة سواء جلس فيها أم لا ، سجد في الخامسة أو لم يسجد .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن كان لم يسجد يجلس في الرابعة ولم يسجد في الخامسة عاد إلى جلوسه في الرابعة بناء على صلاته ، وإن سجد في الخامسة قبل جلوسه في الرابعة فصلاته باطلة لبطلان عمله ، وإن كان قد جلس في الرابعة ولم يسجد في الخامسة فقد تمت صلاته وهو بالخيار إن شاء خرج من الخامسة ، وإن شاء بنى عليها ، ويصلي ركعتين ، وإن جلس في الرابعة وسجد في الخامسة فقد تمت صلاته ، ووجب عليه أن يضم إلى هذه الركعة ركعة ثانية يكونان له نافلة بناء على أصلين له :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الجلوس قدر التشهد هو الواجب في الصلاة دون التشهد والسلام ، فإذا فعله وقام إلى خامسة فقد تمت صلاته .

                                                                                                                                            والثاني : أنه إذا سجد في الخامسة صار داخلا في نافلة ومكن .

                                                                                                                                            [ ص: 217 ] أصله أن من يدخل في نافلة وجب عليه أن يتمها ركعتين وهذا خطأ .

                                                                                                                                            ودليلنا رواية سعيد ، عن الحكم ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فسها فصلاها خمسا ، فقيل : يا رسول الله ، أزيد من الصلاة ؟ قال : وما ذاك ؟ فقالوا : صليت خمسا ، فسجد سجدتي السهو وليس في هذا الحديث ذكر السلام .

                                                                                                                                            وروى إبراهيم ، عن سويد ، عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا ، فلما انفتل توسوس القوم ، فقال : ما بالكم ؟ فقالوا : صليت خمسا ، فسجد سجدتي السهو ، وقال : " إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فلا يخلو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يكون قعد في الرابعة ، أو لم يقعد ، فإن كان قعد فلم يضف إليها أخرى كما قال أبو حنيفة ، وإن كان لم يقعد فلم تبطل صلاته كما قال أبو حنيفة ، فإن قالوا : يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعاد صلاته .

                                                                                                                                            فالجواب عنه من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لم ينقل عنه الإعادة ، ولو أعادها لأمر من خلفه بالإعادة .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لو كانت صلاته باطلة لم يسجد لها سجود السهو ، لأن سجود السهو لا يجبر الصلاة الباطلة ، فإن قالوا : فيجوز أنه ذكر أنه في الخامسة قبل سجوده فيها . قيل : هذا خطأ من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : ما روي أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا وانفتل من صلاته ، وذلك لا يكون إلا بعد سجوده وسلامه .

                                                                                                                                            والثاني : أنه تكلم فقال ما بالكم ، وكلمه الناس فلم يجز أن يكون ذلك في حال الصلاة وقبل السجود ، ولأنها زيادة في الصلاة من جنسها على وجه السهو فوجب أن لا يبطلها .

                                                                                                                                            أصله إذا ذكر سهوه قبل سجوده ، ولأن ما كان من أعداد الصلاة لا يبطل سهوه الصلاة كمن سجد ثلاث سجدات ، أو ركع ركعتين ، فأما ما ذكره من بنائه على أصله فقد مضى الكلام معه في أحدهما ، وسيأتي الكلام معه في الثاني إن شاء الله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية