الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وكذلك الدمام دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي حادة على أبي سلمة فقال " ما هذا يا أم سلمة ؟ " فقالت إنما هو صبر فقال عليه السلام " اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار " ( قال الشافعي ) : الصبر يصفر فيكون زينة وليس بطيب فأذن لها فيه بالليل حيث لا يرى وتمسحه بالنهار حيث يرى ، وكذلك ما أشبهه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : والدمام هو ما يغشى به الجسد ، أو يطلى عليه حتى يغير لونه ويحسنه كإسفيذاج العرائس الذي يبيض اللون ، وكالحمرة التي يورد بها الخد والوجه ، فهو محظور على المعتدة في الإحداد كالصبر الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة عنه سمي دماما من قولهم قدر مدمومة إذا طلى عليها الكلكون أو نحوه ، فهذا مما يمنع منه المعتدة في الإحداد : لأنه زينة ، ولا تمنع منه المحرمة ؛ لأنه لا يزيل الشعث ، وهكذا الخضاب تمنع منه بالحناء ، أو الكتم سواء ترك على حمرته أو غير حتى اسود لأنهما معا زينة وتحصين . روت أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المتوفى عنها زوجها أن تكتحل أو تختضب ، وكذلك كل لون طلي به الجسد فحسنه منعت منه المعتدة في إحدادها : لأن لا يدعو شهوة الرجال إليها : لأنه لا يقصد به إلا التصنع لهم بالزينة ، فإن استعملته فيما خفي من جسدها ووارته ثيابها لم يحرم عليها : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لأم سلمة في الصبر ليلا ونهاها عنه نهارا : لأنه يخفى بالليل عن الأبصار ويرى في النهار فكذلك ما أخفاه ثيابها ولم تره الأبصار غير أنها إن فعلته لغير حاجة كره ، فإن كان لحاجة لم يكره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية