الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا وضعت فلزوجها أن يمنعها من رضاع ولدها إلا اللبأ وما إن تركته لم يعتد غيرها " . قال الماوردي : وهذا صحيح إذا عاد الزوج المفقود وزوجته حامل من نكاح [ ص: 324 ] غيره كان الحمل لاحقا بالثاني دون الأول ؛ لأنها تربصت للأول بمدة أكثر الحمل ، وهي أربع سنين فلم يجز أن يكون الولد منه وألحق بالثاني : لأنها قد صارت بوطء نكاح أو شبهة فراش له وهي ممنوعة من الأول حتى تضع لبقاء عدتها من الثاني ، فإذا وضعت عادت إلى إباحة الأول ، وإن حرم عليه وطؤها في مدة النفاس كما يحرم عليه في نفاسها منه ، فأما رضاع الولد فعليه أن يمكنها من رضاع اللبأ وما لا يغذوه غيره ، ولا يوجد من غيرها فإذا استغنى عن اللبأ نظر ، فإن لم يوجد له مرضعة غيرها وجب عليه تمكينها من رضاعه استيفاء لحياته ، وإن كان فيه استهلاك لحقه من الاستمتاع كما يلزمه في الضرورة أن يحيي بماله نفس غيره ، وإن وجد له مرضعة غيرها كان له أن يمنعها من رضاعه : لأنها في هذه الحال متطوعة لا تجبر على رضاعه إذا امتنعت ، وفي الحال الأولى معترضة تجبر على رضاعه لو امتنعت فلم يكن لها مع التطوع برضاعه أن تسقط به حق استمتاعه ، كما لا يسقط برضاع غيره ، ولا يدل منعه لها من الرضاع على أنه يستحق عليها الرضاع كما يمنعها من خدمة غيره ، ولا يستحق عليها خدمة نفسه ، ألا ترى أن من استأجر خياطا كان له أن يمنعه من البناء ولا يستحق عليه البناء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية