الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ادعاه الأول أريته القافة " . قال الماوردي : إذا أتت بولد زوجة المفقود بعد التربص بنفسها أربع سنين لم يخل حالها من أن تكون قد تزوجت بغيره أو لم تتزوج ، فإن لم تكن تزوجت بغيره ، ففي لحوق ولدها به وجهان : أحدهما : يلحق به ؛ لأنها إذا لم تصر فراشا لغيره كانت باقية على حكم فراشه . [ ص: 325 ] والوجه الثاني : لا يلحق به ؛ لأن المفقود من عدمت أخباره ، وانقطعت آثاره ، وقد مضى من مدة التربص ما يمنع من بقاء مائه معها ، فامتنع أن يكون ولدها منه ، وإن تزوجت غيره وولدت بعد ستة أشهر من دخول الثاني فهو لاحق بالثاني دون الأول ما لم يدعه الأول . وقال أبو حنيفة : يكون لاحقا بالأول دون الثاني ، وإن لم يدعه ، وكذلك كل من تلده بعد ذلك من الثاني يكون لاحقا بالأول دون الثاني ، وبنى ذلك على أصله في المشرقي إذا تزوج بمغربية ، وقد مضى الكلام معه فيه ، فإن ادعاه الأول قال الشافعي رحمه الله : " أريته القافة " فاختلف أصحابنا في ادعائه له على وجهين : أحدهما : أن يقول في الدعوى : إني رجعت سرا فأصبتها ، ويكون ما ادعاه ممكنا يجوز حينئذ أن يكون منه ، ويجوز أن يكون من الثاني فيرى القافة حتى يلحقوه بأشبههما به ، فإن لم يذكر هذا في دعواه فلا حق له في الولد ويكون من الثاني ، وهذا على الوجه الذي لا يلحق به الولد إذا لم تتزوج . والوجه الثاني : أنه إذا ادعاه دعوى مجردة قبلنا دعواه ، وجعلنا له في الولد حقا فيرى القافة ، فيلحقوه بأحدهما ، ولو لم يدعه لجعلناه للثاني تغليبا للظاهر وهذا على الوجه الذي يلحق به الولد إذا لم تتزوج .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية