الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : قال المزني : " وفي ذلك دلالة عندي على نفي الولد لأكثر من سنتين بتأقيت حمله وفصاله ثلاثين شهرا كما نفي توقيت الحولين للرضاع لأكثر من حولين " . والذي أراده المزني بهذا الفصل أن يحتج به فيما ذهب إليه من أكثر الحمل أنه [ ص: 369 ] مقدر بسنتين كالرضاع فلا يلحق به إذا ولد لأكثر من ذلك كما لا يحرم بالرضاع بعد الحولين قال : لأن الله تعالى قال : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [ الأحقاف : 15 ] فجعل مدتها ثلاثين شهرا فوجب أن تكون مدة كل واحد منهما أقل من ثلاثين شهرا ، وهذا الذي ذكره المزني فاسد : لأنه لا يجوز أن يكون ما قدره بثلاثين شهرا مدة لأكثرهما لزيادتهما على هذا التقدير بإجماع ، ولا مدة لأقلهما بالإجماع ؛ لأن أقل الرضاع غير محدد ، ولا مدة لأكثر الحمل ، وأقل الرضاع ؛ لأن أقل الرضاع غير ممدود فلم يبق إلا أن يكون مدة لأكثر الرضاع ، وأقل الحمل وأكثر الرضاع مقدر بحولين فكان الباقي بعدهما مدة أقل الحمل ، وهو ستة أشهر ، فلم يكن في ذلك دليل على مدة أكثر الحمل ، وإنما جمع بين مدتي أكثر الرضاع وأقل الحمل تنبيها على حقوق الأمهات ، ووجوب حق الوالدين ليعلم من ولد لأكثر من ستة أشهر أن حق والدته أكثر وشكرها أعظم كما قال فلا تقل لهما أف [ الإسراء : 23 ] فخصص التأفيف بالتحريم ليدل على أن تحريم الضرب والشتم أغلظ ولم يذكر أول الرضاع ؛ لأن لا تقتصر الأمهات عليه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية