الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 437 ] باب الحال التي يجب فيها النفقة وما لا يجب من كتاب عشرة النساء وكتاب التعريض بالخطبة ومن الإملاء على مسائل مالك . مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " إذا كانت المرأة يجامع مثلها فخلت - أو أهلها - بينه وبين الدخول بها وجبت عليه نفقتها ، وإن كان صغيرا ؛ لأن الحبس من قبله ، وقال في كتابين : وقد قيل إذا كان الحبس من قبله فعليه وإذا كان من قبلها فلا نفقة لها ولو قال قائل : ينفق ؛ لأنها ممنوعة من غيره كان مذهبا ( قال المزني ) رحمه الله : قد قطع بأنها إذا لم تخل بينه وبينها فلا نفقة لها حتى قال فإن ادعت التخلية فهي غير مخفية حتى يعلم ذلك منها " . قال الماوردي : المستحق بالزوجية من حقوق الأموال شيئان : المهر ، والنفقة . فأما المهر فيجب بالعقد ، وقد مضى بيانه في كتاب الصداق . وأما النفقة فلا تجب بمجرد العقد لسقوطها بالنشوز ، ولـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها ودخل بها بعد سنتين فما أنفق عليها حتى دخلت عليه ولو أنفق عليها لنقل ، ولو كان حقا لها لساقه إليها ولما استحل أن يقيم على الامتناع من حق وجب لها ، ولكان إن أعوزه في الحال بسوقه إليها من بعد أو يعلمها بحقها ثم يستحلها لتبرأ ذمته من مطالبته بفرض ، فدل هذا على أن النفقة لا تجب بمجرد العقد ، وكذلك لا تجب النفقة بمجرد الاستمتاع ؛ لأن الموطوءة بشبهة لا نفقة لها وإن كان الاستمتاع بها موجودا ، وكذلك لا تجب بالعقد والاستماع ؛ لأنها لو مكنت من نفسها بعد العقد وجب لها النفقة وإن لم يستمتع بها ، فدل إذا لم تجب بواحد من هذه الأقسام الثلاثة ، على أنها تجب باجتماع العقد والتمكين واختلف أصحابنا في تحرير العبارة عنه . فقال البغداديون : تجب بالتمكين المستند إلى عقد فجعلوا الوجوب معلقا بالتمكين وتقديم العقد شرطا فيه وقال البصريون : تجب بالعقد والتمكين ، فجعلوا الوجوب معلقا بالعقد وحدوث التمكين شرطا فيه ، وتأثير هذا الاختلاف يكون في زمان التأنيث للتمكين : هل تستحق فيه النفقة أم لا ؟ فمن جعل التمكين في الوجوب أصلا وجعل تقدم العقد شرطا لم يوجب لها النفقة في زمان التأنيث وأوجبها بكمال [ ص: 438 ] التمكين ، ومن جعل العقد في الوجوب أصلا وجعل حدوث التمكين شرطا أوجب لها النفقة في أول زمان التأنيث للتمكين إلى أقصى كمال التمكين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية