الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " والجد أبو الأب يقوم مقام الأب إذا لم يكن أبا أو كان غائبا أو غير رشيد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : هذا كما قال الجد يقوم مقام الأب عند موته ، أو نقصه برق ، أو كفر ، أو مع غيبته ، وإن كان على سلامته ، وكذلك أم الأم تقوم مقام الأم عند موتها ، ونقصها ومع غيبتها .

                                                                                                                                            فإن قيل فلم نقلتم الحضانة عن مستحقها بالغيبة ، ولم تنقلوا ولاية النكاح عن الغائب ؟

                                                                                                                                            قيل : لأن الغيبة لا تمنع من عقد النكاح فلم يسقط بها حق الولي ، وتمنع من الكفالة فسقط بها حق الكفيل ، وإذا كان كذلك فقد ذكرنا من يتقدم بالحضانة ، فأما من غير المولود بينهم في الكفالة فأصل تخييره يكون بين أبويه : الأم والأب ، ولا تخيير بين غيرهما مع وجودهما ، فإن عدمت الأم خير بين الأب وبين جميع أمهات الأم ، وكن في تخيير المولود بين الأب وبينهن كالأم ، ولو عدم الأب مع بقاء الأم ، خير المولود بينها وبين جميع آباء الأب من سائر الأجداد ، وكانوا في تخيير المولود بين الأم وبينهم كالأب ، وإذا وقع التخيير بين الأب وجميع الجدات وبين الأم وجميع الأجداد ، ثبت [ ص: 522 ] التخيير بين جميع الأجداد وجميع الجدات ، وهذا مما لم يختلف فيه مذهب الشافعي وجميع أصحابه .

                                                                                                                                            فأما تخيير المولود بين الأم وبين سائر العصبات عند عدم الأب والأجداد كالإخوة والأعمام وبينهم ففيه لأصحاب الشافعي وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا وتكون الأم أحق بكفالته من غير تخيير .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية